للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب الماء على بول الأعرابي (١).

قالوا: والأمر للوجوب فلا يجزئ في إزالة النجاسة غير الماء!!

٣ - أمر النبي صلى الله عليه وسلم - كما في حديث أبي ثعلبة - بغسل آنية أهل الكتاب بالماء (٢).

٤ - قال الشوكاني: «الماء هو الأصل في تطهير النجاسات لوصف الشارع له [بكونه] طهورًا، فلا يعدل إلى غيره إلا إذا ثبت ذلك عن الشارع، وإلا فلا، لأنه عدول عن المعلوم كونه طهورًا إلى ما لا يعلم كونه طهورًا، وذلك خروج عما تقتضيه المسالك الشرعية» اهـ.

الثاني: يجزئ التطهير بكل ما يزيل النجاسة ولا يشترط الماء:

وهذا مذهب أبي حنيفة، والرواية الأخرى عن مالك وأحمد، والقول القديم للشافعي، وابن حزم، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وكذا العلامة ابن عثيمين (٣)، وهو الراجح لما يأتي:

١ - أن كون الماء طهور (طاهرًا ومطهرًا) لا يمنع من كون غيره مطهرًا كذلك، فإن القاعدة (أن عدم السبب المعين لا يقتضي انتفاء المسبب المعين، سواء كان دليلاً أو غير دليل) لأن المؤثر قد يكون شيئًا آخر، وهذا هو الواقع في النجاسة (٤).

قلت: بل بعض المائعات كالخل والمطهرات الصناعية تزيل النجاسة كالماء وأبلغ منه.

٢ - أن الشارع أمر بإزالة النجاسة بالماء في قضايا معينة، ولم يأمر أمرًا عامًا بأن تزال كل نجاسة بالماء.

٣ - أن الشرع قد أذن في إزالة بعض النجاسات بغير الماء: كالاستجمار بالحجارة، ودلك النعلين بالتراب، وتطهير ذيل الثوب بالأرض، وغير ذلك مما تقدم.

٤ - أن إزالة النجاسة ليست من باب المأمور، بل من باب اجتناب المحظور، فإذا حصل بأي سبب ثبت الحكم، ولذلك لا يشترط لإزالة النجاسة نية، ولكن إن


(١) متفق عليه: وقد تقدم قريبًا.
(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري (٥١٧٠)، ومسلم (١٩٣٠).
(٣) البدائع (١/ ٨٣)، وفتح القدير (١/ ٢٠٠)، ومجموع الفتاوى (٢١/ ٤٧٥)، والمحلى (١/ ٩٢ - ٩٤)، والشرح الممتع (١/ ٣٦١ - ٣٦٣).
(٤) الشرح الممتع (١/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>