للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا اشترك جماعة في قتل صيد: فليس عليهم إلا جزاء واحد لقوله تعالى {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} (١). فليس في الصيد إلا مثله لا أمثاله، وعن عمار ابن أبي عمار أن موالى لابن الزبير قتلوا ضبعًا وهم محرمون فسألوا ابن عمر؟ فقال: اذبحوا كبشًا، فقالوا: عن كل إنسان منا؟ فقال: «بل كبش واحد عن جميعكم (٢)»). وهذا في أول دولة ابن الزبير، ولا يعرف لابن عمر مخالف من الصحابة، وهو مذهب الشافعي وجماعة من السلف.

فالجزاء والإطعام يشترك فيه القاتلون، أما إذا اختاروا الصيام فعلى كل واحد منهم الصيام كله، لأن الصيام لا يُشترك فيه ولا يمكن ذلك بخلاف الأموال.

من قتل صيدًا بعد صيد: فعليه لكل مرة جزاء، وليس قول الله تعالى {وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} (٣). بمسقط للجزاء عنه، فإن الله تعالى لم يقل: لا جزاء عليه، بل قد أوجب الجزاء على القاتل للصيد عمدًا، فهو على كل قاتل مع النقمة على العائد (٤).

من قتل الصيد ناسيًا؟

ذهب جمهور العلماء: أبو حنيفة ومالك والشافعي، إلى أن العامد والناسي سواء في وجوب الجزاء عليه، وحجتهم في ذلك (٥).

١ - قالوا: قد أوجب الله تعالى الكفارة على قاتل المؤمن خطأ، فقسمنا عليه قاتل الصيد الخطأ.

٢ - قالوا: لما كان متلف أموال الناس يلزمه ضمانها بالخطأ والعمد، وكان الصيد ملكًا لله تعالى، وجب ضمانه بالعمد والخطأ.

٣ - قال بعضهم: إنما نص على المتعمد ليعلم إن حكم المخطئ مثله.

بينما ذهب ابن حزم إلى أن الناسي لإحرامه وغير المتعمد لا جزاء عليه ولا إثم لقوله تعالى: {وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً} (٦). قال: لأن إذاقة الله تعالى وبال


(١) سورة المائدة: ٩٥.
(٢) إسناده حسن: أخرجه الدارقطني (٢/ ٢٥٠)، وابن حزم (٧/ ٢٣٧).
(٣) سورة المائدة: ٩٥.
(٤) «المحلى» (٧/ ٢٣٨)، و «المجموع» (٧/ ٤٣٧).
(٥) انظر «المحلى» لابن حزم (٧/ ٢١٤) وما بعدها، و «المجموع» (٧/ ٣١٦).
(٦) سورة المائدة: ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>