للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن هل يعكِّر على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «طيب المرأة ما ظهر لونه وخفى ريحه» (١)؟! فتكون الحناء طيبًا بهذا النص؟! قلت: الأظهر: لا يعكر كون الحناء من الطيب، لأن المنهي عنه ما له رائحة كما تقدم، والله أعلم.

١٣ - الاكتحال للحاجة:

لا بأس أن يكتحل المحرم من وجع يجده في عينيه، وقد اتفق العلماء -كما نقله النووي- على أن للمحرم أن يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا احتاج إليه ولا فدية عليه في ذلك (٢).

وعن شميسة قالت: «اشتكيت عيني وأنا محرمة، فسألت عائشة أم المؤمنين عن الكحل، فقالت: اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد، أما إنه ليس بحرام ولكنه زينة ونحن نكرهه، وقالت: إن شئت كحلتك بصبر، فأبيت» (٣).

وعن ابن عمر قال: «يكتحل المحرم بأي كحل شاء ما لم يكن فيه طيب» (٤).

قلت: الأحوط أن يقيد جواز الاكتحال بالحاجة من وجع ونحوه، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يشعر بكراهته، وإن لم يكن صريحًا، كحديث جابر في حجة النبي صلى الله عليه وسلم ففيه: «... وقدم عليٌّ من اليمن ببُدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حلَّ ولبست ثيابًا صبيغًا واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت إن أبي أمرني بهذا ...» الحديث (٥).

قال في «المغنى» (٣/ ٣٢٧): وهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك. اهـ. يعني حال الإحرام.

وفي صحيح مسلم أن عمر بن عبيد الله اشتكى عينيه وهو محرم -وقد خرج أبان بن عثمان: «... فأراد أن يكحلها فنهاه أبان بن عثمان، وأمره أن يضمدها بالصبر، وحدَّث عن عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك» (٦).


(١) حسن: وسيأتي تخريجه في موضعه، إن شاء الله.
(٢) «شرح مسلم» (٣/ ٢٩٢)، وهذا مذهب مالك -كما في المدونة- (١/ ٣٤٢)، والشافعي في «الأم» (٢/ ١٢٩).
(٣) أخرجه البيهقي (٥/ ٦٣)، وشميسة هذه لم توثق إلا أنها صاحبة القصة.
(٤) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (١/ ٤/ ٤٢٤).
(٥) صحيح: أخرجه مسلم وقد تقدم بتمامه وتخريجه في «صفة الحج».
(٦) صحيح: أخرجه مسلم (١٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>