للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا قال الشافعية، وهو رواية عن أحمد، ولا شيء على الراكب -ولو لغير عذر- عندهم، بينما أوجب الحنفية والحنابلة المشي مطلقًا، وكذا المالكية -لكن في الطواف الواجب فقط- فلو طاف راكبًا مع القدرة على المشي لزمه دم عندهم (١)، والأظهر أنه ليس عليه شيء والله أعلم.

الركن الثالث: السعي بين الصفا والمروة:

تعريفه: السعي هو المشي بين الصفا والمروة ذهابًا وجيئة، بنية التعبد، وهو سبعة أشواط تبدأ من الصفا وتنتهي بالمروة.

حكمه:

السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج في أصح أقوال العلماء، وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد -في إحدى الروايتين- وإسحاق وأبي ثور وبه قال ابن عمر، وجابر وعائشة رضي الله عنهم ومن نسيه أو نسي شوطًا منه فعليه أن ينصرف إليه حيث ذكره في بلده أو غير بلده حتى يأتي به كاملاً، وإلا بطل حجه بتركه له ولا يجبره دم ولا غيره (٢)، والأدلة على ذلك:

١ - قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} (٣).

وقد بيَّنت عائشة رضي الله عنها معنى نزول الآية ومخرجها، وجاءت بالعلم الصحيح في ذلك:

٢ - قال عروة: سألت عائشة رضي الله عنها فقلت لها: أرأيت قول الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا} فوالله ما على أحد جناح أن لا يطوف بالصفا والمروة؟ قالت: بئس ما قلت يا بن أختي، إن هذه لو كانت كما أولتها عليه كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها أنزلت في الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المسلل فكان من أهل يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلموا سألوا رسول


(١) «البدائع» (٢/ ١٢٨)، و «حاشية العدوي» (١/ ٤٦٨)، و «المغنى» (٣/ ٣٩٧)، و «نهاية المحتاج» (٣/ ٢٧٥).
(٢) «فتح القدير» (٢/ ١٥٦)، و «حاشية العدوي» (١/ ٤٧٠)، و «المجموع» (٨/ ٧١)، و «المغنى» (٣/ ٣٨٥).
(٣) سورة البقرة: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>