للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنه ركن ومن فاته فقد فاته الحج: وهو مذهب ابن عباس وابن الزبير من الصحابة، وإليه ذهب النخعي والشعبي وعلقمة وأهل الظاهر، وفي مذهب مالك ما يدلَّ عليه، وهو اختيار ابن القيم -رحمهم الله تعالى- (١) وحجتهم:

١ - قوله تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} (٢).

والمشعر الحرام: قيل جبل بالمزدلفة معروف بـ «قزح»، وقيل: جميع المزدلفة.

٢ - حديث عروة بن المضرس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهارًا فقد أتم حجَّه وقضى تفثه» (٣) ففُهم منه أن من لم يقف بالمزدلفة لم يتم حجُّه.

٣ - فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرج مخرج البيان للذكر المأمور به في الآية الكريمة.

القول الثاني: أنه واجب، ومن تركه عليه دم وحجُّه صحيح، وهذا مذهب جمهور العلماء (٤) واستدلوا بما يأتي:

١ - قوله صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة، من جاء قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك» (٥).

وهذا يقتضي أن من وقف بعرفة قبل طلوع الفجر بأيسر زمان، صح حجُّه، ولو كان الوقوف بمزدلفة رُكنًا لم يصحَّ حجُّه.

٢ - أنه لو كان ركنًا لاشترك فيه الرجال والنساء، فلما قدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء بالليل عُلم أنه ليس بركن.

وأجابوا عن الآية وحديث عروة بن مضرس، بأن المنطوق فيهما ليس بركن إجماعًا، فإنه لو بات بالمزدلفة، ولم يذكر الله تعالى ولم يشهد الصلاة فيها صح حجُّه، فما هو من ضرورة ذلك أولى، ثم إن المبيت ليس من ضرورة ذكر الله تعالى بها، وكذلك شهود صلاة الفجر، فإنه لو أفاض من عرفة في آخر ليلة النحر


(١) «المغنى» (٣/ ٣٧٦)، و «المحلى» (٧/ ١١٨)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٧٦)، و «زاد المعاد» (٢/ ٢٥٣).
(٢) سورة البقرة: ١٩٨.
(٣) صحيح: تقدم قريبًا.
(٤) «المغنى» (٣/ ٤١٧)، و «الزاد» (٢/ ٢٥٣).
(٥) صحيح: تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>