للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمينه إن تيسَّر له ذلك، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث جابر، ولحديث ابن مسعود «أنه حين رمى جمرة العقبة استبطن الوادي حتى إذا حاذى بالشجرة، اعترضها فرمى بسبع حصيات، يكبِّر مع كل حصاة، ثم قال: من ها هنا -والذي لا إله غيره- قام الذي أنزلت عليه سورة البقرة صلى الله عليه وسلم» (١).

فإن لم يتيسر هذا -لا سيما في الوقت الحاضر- فلا بأس أن يرميها من أي مكان تيسر.

وقت الرمي:

عن جابر رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي يوم النحر ضحى، وأما بعد ذلك فبعد الزوال» (٢) فالسنة أن لا يرمي جمرة العقبة يوم النحر إلا بعد طلوع الشمس، ولا يجب هذا عند الجمهور، وأما رُوى عن ابن عباس: قدَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حُمُرات فجعل يلطح أفخاذنا ويقول: «أُبَنِي لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس» (٣) فحديث ضعيف فإن أخَّر الرمي إلى ما قبل الغروب جاز وإن لم يكن مستحبًّا بالإجماع (٤).

فإن شق عليه الرمي قبل الغروب فإنه يرخَّص أن يرمي ولو بالليل لحديث ابن عباس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يُسأل يوم النحر بمنى فسأله رجل: ... قال: رميت بعد ما أمسيت، قال: لا حرج» (٥).

ويبتدئ وقت الرمي عند الحنفية والمالكية من طلوع الفجر يوم النحر، وعند الشافعية والحنابلة من منتصف ليلة النحر لمن وقف بعرفة قبله.

وآخر وقت رمي جمرة العقبة عند الحنفية إلى فجر اليوم التالي (الحادي عشر)، وعند المالكية إلى المغرب، ويجب في المذهبين الدم بتأخير الرمي عن ذلك.

وأما الشافعية والحنابلة فآخر وقت الرمي عندهم آخر أيام التشريق.


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٧٥٠)، ومسلم (١٢٩٦).
(٢) صحيح: أخرجه البخاري تعليقًا مجزومًا (٣/ ٦٧٧ - فتح)، ومسلم (١٢٩٩).
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٩٤٠)، والنسائي (٥/ ٢٧١)، وابن ماجه (٣٠٢٥)، وله طرق لا تخلو من مقال وقد صححه الحافظ في «الفتح» (٣/ ٥٢٨) بطرقه وكذا الألباني في «حجة النبي» (ص ٨٠).
(٤) «التمهيد» لابن عبد البر (١٧/ ٢٥٥).
(٥) صحيح: أخرجه البخاري (١٧٣٥) وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>