للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(جـ) الذي يظهر أن الصحابة كانوا يصومونها في أيام التشريق، كما يفهم من حديث ابن عمر وعائشة: «لم يرخص في أيام التشريق أن يُصمن إلا لمن لم يجد الهدي» (١). وهذا هو الأحوط، وبه يخرج من الخلاف السابق.

(د) لا يجوز أن يؤخر صيام الثلاثة عن أيام التشريق، لأن ما بعد أيام التشريق ليست من أيام الحج.

(هـ) إذا صام قبل أيام التشريق فلا يشترط أن يصومها متتابعة، لأن الآية لم تقيِّد الصيام بالتتابع، والأصل إطلاق ما أطلقه الله ورسوله، فإن ابتدأ صيامه في أول أيام التشريق لزمه التتابع لإيقاع الصيام في أيام الحج، والله أعلم.

المُحصَر إذا لم يستطع الهدي:

تقدم أن من أُحصر -ولم يكن اشترط في إحرامه- يجب عليه هدي، لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢). ويذبحه في مكان الإحصار ثم يحلق رأسه، فعن ابن عمر قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم معتمرين فحال كفَّار قريش دون البيت، فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه وحلق رأسه» (٣).

فإن لم يستطع أو لم يجده، فالصواب أنه يحل ولا شيء عليه لا صيام ولا غيره، وأما من قاسه على هدي التمتع (٤)، ففيه نظر من أوجه (٥):

١ - أنه كان معه النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية وغيرها عدد كبير من أصحابه وفيهم الفقراء، ولم يرد أنه أمر من لم يجد الهدي بالصوم عشرة أيام، والأصل البراءة.

٢ - أن حكم التمتع والإحصار آية واحدة، فذكر البدل عن الهدي في التمتع ولم يذكره في الإحصار ثم انتقل إلى حكم آخر، فقال: {... وَلاَ تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ ..} فدل على أن لا شيء على المحصر الذي لا يجد هديًا، فكان القياس مخالفًا للنص.

٣ - أن هذا القياس قياس مع الفارق، فإن بين التمتع والإحصار فرقًا عظيمًا،


(١) صحيح: أخرجه البخاري (١٩٩٧).
(٢) سورة البقرة: ١٩٦.
(٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٨١٢).
(٤) كما هو مذهب الحنابلة كما في «الإنصاف» (٤/ ٦٩)، والشافعية كما في «المجموع» (٧/ ١٨٦).
(٥) مستفاد من «الشرح الممتع» (٧/ ٢١٢، ٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>