للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها مال رجل مسلم -أو قال: أخيه- لقي الله وهو عليه غضبان» فأنزل الله تصديقه {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً} (١) (٢).

فخصَّ العهد بالتقدمة على سائر الأيمان، فدلَّ على تأكد الحلف به، لأن عهد الله ما أخذه على عباده، وما أعطاه عباده كما قال تعالى {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ} لأنه قدم على ترك الوفاء به.

٣ - أن العهد يطلق على اليمين، فصار كأنه قال: ويمين الله، وذلك يمين، فكذا هنا.

٤ - أنه يحتمل أن يكون معناه: كلام الله، وهو صفة له.

٥ - أنه قد ثبت له عرف الاستعمال، فيجب أن يكون يمينًا بإطلاقه.

الثاني: أنه تنعقد به اليمين إذا نواها: وهو قول الشافعي، وحجته أنه يستعمل في غير معنى اليمين -كوصية الله لعباده باتباع أوامره وغير ذلك- فلا ينصرف إلى اليمين إلا بنيَّة.

الثالث: الحلف بعهد الله ليس يمينًا: وهو قول أبي حنيفة وابن حزم، وحجتهما:

١ - أن الحلف بعهد الله ليس من الحلف بصفات الله التي يجوز الحلف بها.

٢ - أن اليمين لا تكون إلا بالله.

الراجح:

من قال: «أقسمتُ» أو «أقسم»:

١ - من قال: «أقسم بالله» أو «أقسمت بالله» فهذا يمين بلا خلاف سواء نوى اليمين أو أطلق، لأنه لو قال: «بالله» ولم يقل أقسم، كان يمينًا، وإنما كان يمينًا بتقدير الفعل قبله، ثم قد ثبت له عرف الاستعمال، قال تعالى {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} (٣) وقال سبحانه {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ} (٤).

٢ - وإذا قال: «أقسمُ» أو «أقسمت» فهل يُعدُّ يمينًا؟ فيه ثلاثة أقوال (٥):


(١) سورة آل عمران: ٧٧.
(٢) «البدائع» (٣/ ٨)، و «المدونة» (٢/ ٣٠)، و «الأم» (٧/ ٨٨)، و «المغنى» (١١/ ١٩٦)، و «المحلى» (٨/ ٣٢).
(٣) سورة المائدة: ١٠٧.
(٤) سورة الأنعام: ١٠٩.
(٥) «البدائع» (٣/ ٧)، و «المدونة» (٢/ ٣٠)، و «الأم» (٧/ ٨٧)، و «المغنى» (١١/ ٢٠٥)، و «المحلى» (٨/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>