للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أنه يمين مطلقًا: وهو مذهب الحنفية وأحمد في رواية واستظهرها ابن قدامة واستدلوا بما يلي:

١ - حديث ابن عباس عن أبي هريرة -في قصة الرجل الذي قصَّ على النبي صلى الله عليه وسلم رؤياه وأن أبا بكر أوَّلها- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا» قال: أقسمتُ -بأبي أنت وأمي- لتخبرني ما الذي أخطأتُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تقسم» (١) فاعتبر النبي صلى الله عليه وسلم قول أبي بكر «أقسمتُ» يمينًا، فثبت له عرف الشرع والاستعمال.

٢ - وفي حديث الإفك، قال أبو بكر رضي الله عنه لعائشة: «أقسمتُ عليكِ أي بنية، إلا رجعت إلى بيتك» (٢).

٣ - وفي قصة عبد الرحمن بن أبي بكر مع ضيف أبي بكر لما امتنعوا عن تناول الطعام فجاء أبو بكر، وقد اختبأ عبد الرحمن خوفًا منه، فقال أبو بكر: «يا غنثر، أقسمت عليك إن كنت تسمعني ...» (٣).

٤ - قوله تعالى: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ} (٤) ولم يقل (أقسموا بالله) فاعتبره يمينًا والاستثناء في اليمين.

٥ - أن القسم لم يجز إلا بالله عز وجل، فكان الإخبار عنه عما لا يجوز بدونه كما في قوله تعالى {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} (٥) ولأن العرب تعارفت الحلف على هذا الوجه.

الثاني: أنه يمين إذا نوى اليمين بالله وإلا فلا: وهو مذهب زفر -من الحنفية- وإسحاق ومالك وابن المنذر، لأنه يحتمل القسم بالله وبغيره فلم يكن يمينًا حتى يصرفه بنيَّة إلى ما يجب به الكفارة.

الثالث: أنه ليس بيمين، نوى أو لم ينو: وهو قول الشافعي وابن حزم والحسن والزهري وقتادة وأبي عبيد، لأن اليمين لا تنعقد إلا باسم معظم أو صفة معظمة ليتحقق له المحلوف عليه، وذلك لم يوجد.


(١) صحيح: أخرجه الترمذي (٢٢٩٣)، وأبو داود (٣٢٦٨)، وابن ماجه (٣٩١٨) بهذا اللفظ وهو في الصحيحين بلفظ «والله لتخبرني».
(٢) صحيح: أخرجه البخاري (٤٧٥٧).
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٥٧).
(٤) سورة القلم: ١٧، ١٨.
(٥) سورة يوسف: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>