للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - هل تلزم الكفارة في اليمين الغموس؟ للعلماء في هذه المسألة قولان (١):

الأول: لا كفارة فيها، وإنما تجب التوبة منها وردُّ الحقوق إلى أهلها: وهو مذهب الجمهور: الحنفية والمالكية والحنابلة، واستدلوا بما يلي:

١ - الأحاديث المتقدمة في الترهيب من اليمين الغموس.

٢ - قول الأشعث بن قيس -في حديث ابن مسعود المتقدم-: فيَّ أنزلت هذه الآيات وهي قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ} (٢).

قالوا: هذه النصوص أثبتت أن حكم الغموس العذاب في الآخرة، فمن أوجب الكفارة فقد زاد على المنصوص.

٣ - حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خمس ليس فيهن كفارة: الشرك بالله عز وجل، وقتل النفس بغير الحق، وبهتُ المؤمن، والفرار من الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالاً بغير حق» (٣) وهو ضعيف.


(١) هذا على القول بأن اليمين الغموس مختصة بالحلف على الأمر الماضي، وإلا ففي المسألة قول ثالث بالتفريق بين الحنث على الأمر الماضي -فلا كفارة فيه- وبين الأمر المستقبل ففيه الكفارة وبه قال المالكية والحنابلة، وانظر: «فتح القدير» (٤/ ٣)، و «الصاوي» (١/ ٣٣٠)، و «أسنى المطالب» (٤/ ٢٤٠)، و «المغنى» (١١/ ١٧٧)، و «المحلى» (٨/ ٣٦)، و «مجموع الفتاوى» (٣٣/ ١٢٨ - ٣٥/ ٣٢٤)، و «فتح الباري» (١١/ ٥٥٧).
(٢) سورة آل عمران: ٧٧.
(٣) ضعيف: أخرجه أحمد (٢/ ٣٦٢)، والطبراني في «مسند الشاميين» (١١٨٣)، وابن أبي عاصم في «الجهاد» (٢٧٨)، وفي «الديات» (١/ ١٦) من طرق عن بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل (وفي بعضها: المتوكل) عن أبي هريرة به، وهذا إسناد فيه علتان: الأولى: عنعنة بقية، وهو مدلس تدليس التسوية، نعم في طريق ابن أبي عاصم المذكورة تصريحه بتحديث بحير دون من فوقه فلم يكف، إلا أن يصرح في بقية السند، لكن تابعه إسماعيل بن عياش عن بحير به فزالت العلة الأولى، لكن بقي أن أبا المتوكل المذكور ليس هو الناجي (الثقة) كما توهَّم ابن الجوزي فاحتج به في التحقيق (٢٠٢٨)، وإنما قال فيه أبو حاتم «شامي عن أبي هريرة» وقال ابن حبان في الثقات: لا أدري من هو ولا ابن من هو؟ قلت فهو مجهول، كما أشار الحافظ في «الفتح» (١١/ ٥٥٧ - المعرفة)، وانظر: «تعجيل المنفعة» (١٠٠٤)، و «الإكمال» للحسيني (٨١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>