للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اليمين الغموس ليست بيمين حقيقة، لأن اليمين عقد مشروع، وهذه كبيرة محضة، والكبيرة ضد المشروع، وإنما سميت يمينًا مجازًا، لوقوعها في صورة اليمين، ثم إن اليمين تكون غموسًا لأن فيها تعمُّد الكذب لا تعمد الحنث، فلا يسلم الاستدلال بالحديث.

ويؤيد أن اليمين الغموس ليس فيها إلا التوبة، ما تقدم في «باب اللعان» من قول النبي صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين: «الله يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب» (١) فلو كانت الكفارة واجبة على أحدهما بتعمد الكذب لكانت الحاجة إلى بيانها أشد من الحاجة إلى بيان التوبة كما لا يخفى، والله أعلم بالصواب.

ثالثًا: اليمين المنعقدة:

١ - تعريفها: هي اليمين على أمرٍ في المستقبل غير مستحل عقلاً، سواء أكان نفيًا أو إثباتًا، نحو: والله لا أفعل كذا، أو: والله لأفعلن كذا.

ويكون الحالف قد عزم بقلبه أن يفعل أو لا يفعل ثم يخبر لسانه عن ذلك باليمين.

وقيل: ما لم تكن غموسًا أو لغوًا.

٢ - شروط اليمين المنعقدة (٢): يشترط لتكون اليمين منعقدة، شروط بعضها يرجع إلى الحالف، وبعضها إلى المحلوف عليه، وبعضها إلى الصيغة، فهذه الثلاثة أركان اليمين:

(أ) الشروط في الحالف: يشترط في الحالف لتنعقد يمينه ما يلي:

١ - البلوغ.

٢ - العقل.

٣ - الإسلام (عند الحنفية والمالكية): فلا تنعقد اليمين بالله تعالى من الكافر ولو ذميًّا -عندهم- وقال الشافعية والحنابلة: لا يشترط الإسلام لانعقاد اليمين أو بقائها، فلو حلف الذمي بالله ثم حنث -وهو كافر- لزمته الكفارة، لكن إن عجز عن الكفارة بالإطعام لم يكفِّر بالصوم حتى يسلم.

٤ - التلفظ باليمين: فلا يكفي كلام النفس عند الجمهور خلافًا لبعض المالكية.


(١) صحيح: تقدم في «اللعان».
(٢) «البدائع» (٣/ ١٠)، و «الدسوقي» (٤/ ٣٠٧)، و «نهاية المحتاج» (٨/ ١٦٤)، و «المغنى» (١١/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>