للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقوله تعالى {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَانَا} (١) وفي الحديث أن الله تعالى قال: «قد فعلت» وفي رواية: «نعم» (٢).

ولقوله تعالى: {وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (٣).

وهذا مذهب الشافعية والحنابلة -في الجملة- وبه قوال ابن حزم (٤).

الاستثناء في اليمين:

المراد بالاستثناء هنا: التعليق بمشيئة الله تعالى أو نحو ذلك من كل لفظ لا يتصوَّر معه الحنث في اليمين، كما لو قال الحالف عقب حلفه: إن شاء الله، أو: إلا أن يشاء الله، أو: إن أعانني الله، أو: إن يسَّر الله، ونحو ذلك.

والاستثناء إذا كان متصلاً باليمين أبطله، فلا يحنث فيه، عند أكثر أهل العلم، بل نقل غير واحد الإجماع على ذلك (٥).

وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حلف على يمين، فقال: إن شاء اله، لم يحنث» (٦) وقد أُعلَّ، لكن يشهد له حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة سليمان عليه السلام إذ قال: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كل تلد غلامًا يقاتل في سبيل الله فقال له صاحبه: «قل إن شاء الله ... الحديث» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركًا لحاجته» (٧).

فائدة (٨):

جوَّز بعض العلماء الاستثناء بعد انفصال اليمين بزمن يسير، لهذا الحديث، وأجيب عن ذلك: بأن يمين سليمان طالت كلماتها فيجوز أن يكون قول صاحبه له: «قل: إن شاء الله» وقع في أثنائه، فلا يبقى فيه حجة.


(١) سورة البقرة: ٢٨٦.
(٢) صحيح: تقدم كثيرًا.
(٣) سورة البقرة: ٢٢٥.
(٤) «الوجيز» للغزالي (٢/ ٢٢٩)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٣٦٩)، و «المحلى» (٨/ ٣٥).
(٥) «التمهيد» (١٤/ ٣٧٢)، و «المغنى» (١١/ ٢٢٦)، و «فتح الباري» (١١/ ٦٠٢).
(٦) إسناده صحيح وأعلَّه البخاري: أخرجه الترمذي (١٥٣٢)، والنسائي (٧/ ٣٠)، وابن ماجه (٢١٠٤)، وقد أعلَّه البخاري بأن عبد الرزاق اختصره من حديث معمر في قصة سليمان -وهو الآتي بعده- قلت: ويحتمل أن يكونا حديثين، وانظر «الإرواء» (٨/ ١٩٧).
(٧) صحيح: أخرجه البخاري (٦٧٢٠)، ومسلم (١٦٥٤).
(٨) «الفتح» (١١/ ٦٠٥)، و «سبل السلام» (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>