١ - مُعلَّق على حصول نفع: كقوله (إن شفى الله مريضي فعليَّ لله نذر كذا) ونحوه.
٢ - نذر مطلق، غير معلَّق على نفع للناذر: كأن يتقرب إلى الله تَقرُّبًا خالصًا بنذر، فيقول ابتداءً:(لله عليَّ أن أتصدق بكذا) ونحوه.
ويقال: إن النهي في الأحاديث متوجِّه إلى النوع الأول، لأن النذر فيه لم يقع خالصًا للتقرب إلى الله، بل بشرط حصول نفع للناذر، وذلك النفع الذي يحاوله الناذر هو الذي دلت الأحاديث على أم القدر فيه غالب على النذر.
ويوضِّحه أنه لو لم يُشفَ مريضهُ، لم يتصدَّق بما علَّقه على شفائه، وهذه حالة البخيل، فإنه لا يُخرج من ماله شيئًا إلا بعوض عاجل يزيد على ما أخرج غالبًا، وهذا المعنى هو المشار إليه بقوله:«وإنما يُستخرج به من البخيل».
وقد ينضمُّ إلى هذا اعتقاد جاهل يظن أن النذر يوجب حصول ذلك الغرض، أو أن الله تعالى يفعل معه ذلك الغرض لأجل ذلك النذر، وإليهما الإشارة في الحديث بقوله:«فإنه لا يردُّ شيئًا»، قلت: وهذا التفصيل متجه وقوي، وهو جمعٌ فيُقدَّم على الترجيح، والله أعلم.
أقسام النذر، وأحكامها:
ينقسم النذر الذي يفعله المسلمون -من جهة الأمر المنذور- إلى قسمين:
الأول: أن يكون فيه طاعة لله (نذر الطاعة): فيلزم الإنسان نفسه إما بفعل أمر ندب الشرع إلى فعله، كصلاة (النافلة) والصيام والحج والصدقة والاعتكاف وسائر الطاعات، أو يُلزم نفسه بفعل واجب إذا تعلَّق النذر بوصف، كأن ينذر أن يؤدي الصلاة في أول وقتها، ونحوه.
وأما لو نذر الواجب كالصلوات الخمس وصوم رمضان ونحو ذلك من الفرائض، فلا أثر لنذره، لأن إيجاب الله لذلك أعظم من إيجابه بالنذر.
وقد تقدم قريبًا أن نذر الطاعة له صورتان: نذر ابتداء غير معلَّق على منفعة للناذر، (نذر مطلق)، وهذا يشرع للإنسان الإقدام عليه.
ونذر معلَّق على منفعة للناذر، ويكون خارجًا مخرج طلب العوض وتوقيف العبادة على تحصيل الغرض، وهذا منهي عن الإقدام على فعله.