للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، مما يفعله عبَّاد الأوثان والقبور وأشباههم، لمن يعتقدون فيهم ضرًا أو نفعًا، أو قضاء حاجة أو تفريج كُربة -فقد ارتكب أعظم الذنوب، وهو الشرك بالله تعالى، وهو نظير ما ذكره الله تعالى في قوله: {وَجَعَلُوا لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} (١).

قال شيخ الإسلام: «وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز لأحد أن ينذر لغير الله لا لنبي ولا لغير نبي، وأن هذا شرك لا يوفى به» (٢).

وقال -رحمه الله-: «وأما نذره (أي العبد) لغير الله كالنذر للأصنام والشمس والقمر والقبور، ونحو ذلك، فهو بمنزلة أن يحلف بغير الله من المخلوقات» اهـ.

وقال الأمير الصنعاني -رحمه الله تعالى-: «وأما النذر المعروفة في هذه الأزمنة على القبور والمشاهد والأموات فلا كلام (٣) في تحريمها، لأن الناذر يعتقد في صاحب القبر أنه ينفع ويضر، ويجلب الخير، ويدفع الشر، ويُعافى الأليم ويشفى السقيم وهذا هو الذي كان يفعله عباد الأوثان بعينه، فيحرم كما يحرم النذر على الوثن ويحرم قبضه لأنه تقرير على الشرك ويجب النهي عنه وإبانة أنه من أعظم المحرمات وأنه الذي كان يفعله عباد الأصنام، لكن طال الأمد حتى صار المعروف منكرًا والمنكر معروفًا وصارت تعقد اللواءات لقباض النذور على الأموات ويجعل للقادمين إلى محل الميت الضيافات وينحر في بابه النحائر من الأنعام وهذا هو بعينه الذي كان عليه عباد الأصنام فإنا لله وإنا إليه راجعون، وقرأ شعبنا الكلام في هذا في رسالة تطهير الاعتقاد من درن الإلحاد» اهـ (٤).


(١) سورة الأنعام: ١٣٦.
(٢) «مجموع الفتاوى» (١/ ٢٨٦).
(٣) أي: لا خلاف.
(٤) «سبل السلام» (٤/ ١٤٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>