للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: تجب عليه الكفارة: وهو مذهب أبي حنيفة والثوري والرواية الأخرى عن أحمد، وهو مروي عن ابن مسعود وابن عباس وجابر وعمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهم، وحجة هذا القول:

١ - حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «النذر نذران، فما كان لله كفارته الوفاء، وما كان للشيطان فلا وفاء فيه، وعليه كفارة يمين» (١).

٢ - حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين» (٢).

الراجح: لا شك أن دلالة هذين الحديثين -إذا صحَّا وهو الأقرب- أقوى من دلالة الأحاديث التي استدل بها الفريق الأول، فإن الكفارة فيها مسكوت عنها، فيقدَّم المثبت لها، والله أعلم.

إذا نَذَرَ نَذْرًا لم يُسَمِّه:

إذا نذر الإنسان نذرًا مطلقًا لم يعيِّنه أو يسمِّه، كأن يقول (لله عليَّ نذر)، فعليه كفارة يمين، لقول ابن عباس رضي الله عنهما: «من نذر نذرًا لم يسمِّه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا في معصية فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين» (٣).

وقد رُوى نحوه مرفوعًا من حديث عقبة بن عامر بلفظ: «كفارة النذر [إذا لم يُسمَّ] كفارة يمين» (٤) لكنه ضعيف، وقد صحَّ بدون موضع الشاهد كما تقدم.

النذر لغير الله شرك:

النذر عبادة، فلا يجوز صرفه لغير الله تعالى، من صرفه لغيره من ملك مقرَّب أو نبي مرسل، أو وليٍّ من الأولياء -حيًّا أو ميتًا- أو لشمس أو قمر ونحو


(١) حسن: أخرجه ابن الجارود (٩٣٥) ومن طريقه البيهقي (١٠/ ٧٢) وأخرج نحوه أبو داود (٣٣٢٢) من طريق آخر عن ابن عباس وصرَّب وقفه، وقد صححه الألباني في «الصحيحة» (٤٧).
(٢) صححه الألباني: أخرجه أبو داود (٣٢٩٠)، والترمذي (١٥٢٤)، والنسائي (٢/ ١٤٥)، وابن ماجه (٢١٢٥)، وانظر «الإرواء» (٢٥٩٠).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ١٧٣) موقوفًا، وأخرجه أبو داود (٣٣٢٢) ورجَّح الوقف.
(٤) ضعيف بهذه الزيادة: أخرجه أبو داود (٢٣٢٤)، والترمذي (١٥٢٨)، والنسائي (٧/ ٢٦)، وانظر «الإرواء» (٢٥٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>