للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[القاضي سليمان المنصوربوري والعلامة محمد إقبال]

كان القاضي سليمان طوال حياته ملاذا لجميع أصدقائه ويحكى أنه جمع كل المجوهرات في بيته وباعها ليشد من أزر صديقه محمد حياة، الذي احترق مصنعه وهذه حكاية من حكايات عديدة، وقد ربطت أواصر المحبة بين العلامة محمد إقبال والقاضي سليمان المنصور بوري، ولا عجب في ذلك فكلاهما أديب، وكلاهما شاعر، وكلاهما عمل بالقضاء، وكلاهما حمل مسئولية الدعوة إلى الله، وكلاهما عمل على خدمة المسلمين في كل مكان.

كان القاضي سليمان المنصوربوري يحب إقبال ويقدره، وكان إقبال يحمل للقاضي سليمان احتراما خاصا، وحين توفي قاضي منصور بوري، عقدت جلسة في "صالة حبيب" لقبول العزاء ترأسها حاجي شمس الدين (جمعية حماية الإسلام) اشترك فيها الشيخ أحمد علي والشيح محمد بخش مسلم والعلامة محمد إقبال.

وقف إقبال وتحدث وأشاد بالقاضي سليمان المنصور بوري وامتدح شعره وأسمع الحاضرين بعضا من أشعار القاضي سليمان:

" يا شيخ! ماذا رأيت في الكعبة! بالله أرأيت بيت الله ... ؟!

لقد رأينا حمام الحرم وكفى ماذا يحدث لو لم نر العنقاء؟! " (١)

كانت " جمعية حماية الإسلام " تعرف قدر القاضي سليمان وتحمل له كل الحب، فكانت تحرص على دعوته لحضور جلساتها كل عام والمشاركة بإلقاء كلمة مع الأعضاء، ويحكى أنه راح مرة يلقي كلمة عن " محامد الإسلام " استمرت لست ساعات!! وقال الشيخ محمد شفيع: إنني سأعطي للجمعية هدية " مبلغ ٣ آلاف روبية " عن كل ساعة من الساعات التي ألقى فيها القاضي سليمان كلمته في جلسة الجمعية وهكذا نالت الجمعية مبلغ ١٨ ألف روبية، وتعد هذه واقعة لا مثيل لها في تاريخ الخطابة في الهند قبل التقسيم (٢).


(١) العنقاء طائر خرافي يزعم قدماء المصريين أنه يعمر خمسة قرون أو ستة وبعد أن يحرق نفسه ينبعث من رماده وهو أتم ما يكون شبابا وجمالا، ويكنى به عن الشخص أو الشيء ذي الجمال الذي لا يضارع ويزعم أهل شبه القارة الهندية أنه طائر إذا ما أظل أحدا بجناحيه رفعه إلى العرش.
(٢) سيرت سليمان [ص:٢٦٨].

<<  <   >  >>