والحاصل أن آية العنوان توضح كون النبي (ص) ختم المرسلين بأقوى الأدلة وأوثق البراهين، فالحمد لله على ذلك.
وبعد هذا إن زعم زاعم من المسلمين أنه نبي فينبغي له أن يقرأ حديث صحيح مسلم، ثم ليدخل في عداد الثلاثين إن رضي بذلك، وإلا فليكف عن زعمه الباطل وليدخل في الإيمان.
[الخاصية الخامسة والعشرون]
{وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}(الأنبياء: ١٠٧)
مضى ألوف من الأعلام في الدنيا، وقد تلألأت أسماؤهم في سماء الشهرة مثل النجوم، وألقابهم تلقى ضوءا على شخصياتهم، فقد لقب بعضهم بالملك الكبير، وبعضهم أقوى الأقوياء وبعضهم ابن النور، وبعضهم اليقظان، وبعضهم مربي البقرة، وبعضهم ابن القمر وهكذا، وهذه الألقاب وأمثالها تدل على خاصية بارزة في أصحابها، ولكنها لا تدل على نسبتهم إلى خلائق العالم.
ولكن ((رحمة للعالمين)) لقب يبين خاصية نسبة النبي (ص) إلى الخلق وعلاقته بالخلق.
إن معنى الرحمة يشمل العطف واللين والرقة والمواساة والتعهد والمودة.
ومن ذا الذي يستطيع أن يقول أنه ليس بحاجة إلى هذه المعاني، وأنه يستغني عن فيوضها؟ كلا لا نجد أحدا يقول هذا.
و ((العالم)) مشتق من العلمية، أي كل شيء يصلح للبروز والنمو والظهور والاستمرار في الوجود، فهو جدير بأن يسمى بهذا الاسم.
ويستعمل هذا اللفظ كثيرا في التمييز بين الأنواع والأصناف والأجناس، فيقال:
عالم الجماد، وعالم النبات، وعالم الحيوان، والعالم العلوي، والعالم السفلي؛ ويستعمل على سبيل الاستعارة للمعنويات والعواطف والمشاعر، فيقال: عالم الوجد، وعالم الشوق، وعالم الشباب وغير ذلك.