مهاوى الخزي والهوان برحمته وجوده ونصحه وإخلاصه، وأكرمهم بالمدنية وحسن المعاشرة والأمن العام والعافية البالغة، وهكذا صدق عليه قوله تعالى:{ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم}(سورة الأعراف: ١٥٧).
[الخاصية الثامنة عشرة]
{لقد جاءكم رسول من أنفسكم}(سورة التوبة: ١٢٨)
١ - الخطاب في قوله ((من أنفسكم)) للعرب ولقريش، وكان العرب يفتخرون كثيرا بالأنساب، ولا يقيمون وزنا لغير العرب، ويأنفون من طاعة أحد غير العرب، فامتن الله على العرب بأن الرسول العظيم - الذي كانت أولى مسئولياته هداية العرب - من بينهم لا من غيرهم.
وقد أخرج البخاري عن أبي هريرة أن النبي (ص) قال:
((بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت منه)).
وأخرج مسلم عن وائلة بن الأسقع قال قال رسول الله (ص):
((إن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)).
وأخرج الترمذي في صحيحه عن العباس بن عبد المطلب قال قلت: يا رسول الله ان قريشا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض، فقال النبي (ص):
((إن الله خلق الخلق فجعلني من خيرهم، من خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا، وخيرهم بيتا)).
٢ - والخطاب في الآية كذلك للعالمين جميعا، ومعنى الآية: إن هذا الرسول الذي عظم شأنه بالرسالة من جنس البشر، فإنه لو كان من الملائكة لم يتحقق الاتحاد والتجانس لفقدان اتحاد الجنس، وأدى ذلك إلى صعوبة التعليم والتعلم، وأعظم نقص يشعر به حين