للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على بعد أربعة أميال من مكة وكان هؤلاء الشيوخ لا يزالون يتذكرون ما دار من كلام وحديث بين عبد مناف وأبرهة حين نزل جيش أبرهة إلى حدود مكة فأصاب مواشي أهل مكة وفيها مائة بعير لعبد مناف، وعبد مناف هو جد النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يومئذ سيد مكة ورئيسها، ذهب بنفسه إلى جيش الحبشة ولقي أبرهة عن طريق سائس الفيلة، فكرمه أبرهة وأجلسه بجواره وسأله ماذا جاء به، فقال عبد مناف: لقد استولى جيشك على مواشينا فلتأمر بردها إلينا.

فقال أبرهة: كنت أعجبتني حين رأيتك ثم زهدت فيك حين كلمتني.

فقال عبد مناف: لماذا؟

فقال أبرهة: لقد جئت لأهدم بيتا هو دينك ودين آبائك وأقيم بدلا منه كنيسة يعظمها العرب ويقدسها، وأراك لا تكلمني في هذا وتكلمني في مواشيك.

فقال عبد مناف: أنا رب الإبل أما البيت فله رب سيمنعه.

والحاصل أنه حين سيطر المسلمون على مكة بهذا التوفيق والنجاح وبهذه السهولة، لم تعد هناك معاهدات تمنع من يريد الدخول في الإسلام من الدخول فيه، كما زال ضغط قريش وإرهابهم للناس ورأى الناس أن المسلمين - حسب معتقدهم - هم المقبولون عند الله ولهذه الأسباب زاد عدد المسلمين.

٥ - والسبب الأخير هو أنه لم يعد هناك موانع أمام الدعاة المسلمين العاملين في مجال تبليغ الإسلام وبيان حقيقته، فكان الدعاة يقومون بالدعوة بحرية كاملة وكان المتلقين يستمعون إليهم بحرية واطمئنان، كما كانت قوة الإسلام وجاذبيته تشد إليه الناس.

الدفاع ضد هجوم ثقيف وهوازن:

غزوة حنين شوال ٨ هـ:

بعد فتح مكة فكرت قبيلتا هوازن وثقيف وكانت حدودهما متصلة بمكة، بأنهما لو هزما المسلمين لعادت إليهم بساتين أهل مكة وأملاكهم بالطائف (١) وأمكنهم الانتقام من المسلمين لتحطيمهم الأصنام. فضموا إليهما قبائل بني مضر وبني هلال وخرجوا إلى مكة في أربعة آلاف من الشجعان، ونزلوا بوادي حنين، وكانوا قد أتوا بنسائهم وصبيانهم


(١) فتوح البلدان للبلاذري، [ص:٦٣].

<<  <   >  >>