كان الكفار في جزيرة العرب إذا تليت عليهم آيات القرآن التي تتناول أحوال الأمم الغابرة وأخبار الأنبياء السابقين طعنوا في القرآن الكريم وقالوا ما هو بشيء ولا يقص علينا محمد إلا أساطير الأولين. والأساطير في المعجم هي القصص الخرافية التي تتضمن قليلا من الحقيقة وكثيرا من الطرافة والفكاهة. وكفار جزيرة العرب الذين كانوا بعيدين عن العلوم والمعارف لا يعرفون الخط والكتابة ويجهلون أمور العالم وأحواله لدرجة يرثى لها، ولكن العجيب هو أن يعجب أهل الكتاب بهذا اللفظ الصادر عن هؤلاء الجهلة المتوحشين عبدة الأصنام فرددوها في كتبهم مرارا وبأساليب مختلفة. حتى كتب بعض القساوسة أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - تلقى جميع هذه القصص من راهب نصراني ثم صاغها للناس بلغته. وسوف نقارن في هذا الباب بين قصة تكون قد وردت في الإنجيل الحالي، وورد ذكرها أيضا في القرآن الكريم، وسيعلم القراء بهذه الدراسة المقارنة مدى سمو تعاليم القرآن إزاء الكتب السماوية الأخرى. وإلى أي مدى يكون خطأ من يظن أن هذا الرجل الذي يتلو مثل هذا الكتاب الطاهر كان يستوحي من قصص الكتب السابقة ثم يتلوها بأسلوبه الخاص على الناس. ولما كان اعتراض النصارى هذا موجه إلى شخصية الرسول - صلى الله عليه وسلم - من هنا وجب أن نلحق هذا الباب بالسيرة النبوية.
آدم عليه السلام: ورد في سفر التكوين (الأصحاح رقم ٢ - ٣) ذكر ولادة آدم وإقامته في جنات عدن وأكله من شجرة معرفة الخير والشر وخروجه من الجنة. كما ورد في الدرس السابع عشر من الأصحاح الثالث من التكوين "ملعونة الأرض بسببك". ولم