وقد صدق قوله تعالى، فأجلى بنو النضير ولم ينصرهم المنافقون ولم يخرجوا معهم.
وقد أوضح القرآن أيضا:
{ولئن نصروهم يولن الأدبار ثم لا ينصرون}(الحشر: ١٢).
فقد نصر المنافقون يهود بني قريظة، ولكنهم لم يثبتوا أمام أسود الإسلام، وهكذا ذهبت قوة المنافقين أيضا مع قوة اليهود، وتحقق الجزء الأخير للتنبؤ أيضا.
[أخبار عن كفر اليهود وإسلام قوم لن يكفروا أبدا]
قال تعالى:{أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين}(الأنعام: ٨٩).
هذه الآية من سورة الأنعام وهي مكية نزلت حينما كان الإسلام في بدايته في مكة لم يخرج منها، وأخبرت الآية بأن اليهود المرابين إن لم يؤمنوا فلا بأس، لأن القبائل الكبيرة التي استبدت بالحكم ولم تبال بأحد، سوف تخضع وتنقاد لك، مثل أياد وقضاعة وربيعة ومضر وغيرها.
وكذلك يخضع لك شهر بن باذام ملك صنعاء، والمنذر بن ساوى ملك البحرين، وجيفر وعباد ابنا جلندي ملكا عمان، وأصحمة النجاشي ملك الحبشة، وأكيدر صاحب دومة الجندل، وذو الكلاع الحميري الذي كان يسجد له رعيته ويسير خلقه ألف عبد له، وذو ظليم وذو زود وذو مران وذو عمرو أصحاب التيجان الذين استمر الحكم في أسرهم منذ الأجيال.
ادرسوا أحوال هذه الملوك، كانت منطقة حكمهم أكبر من الحجاز، وجيوشهم أكثر من أصحاب النبي (ص)، ولم يكونوا خائفين من أحد، ولا يطمعون في المال والثروة، ولم يصل إلى بلادهم أحد من الغزاة والمجاهدين سوى دعاة الإسلام، ومع ذلك انشرحت صدورهم للإسلام فقبلوه طائعين راغبين.
ولم يكن كل ذلك إلا بقدرة الله تعالى وفضله، إن اليتيم، ابن الأرملة خافه الملوك فارتعدت فرائصهم، والمتواضع الفقير أحبه الناس حبا سهل لهم التضحية بالمال