للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كانوا يقترعون على ذلك، فالآية الخامسة عشرة من الآيات السابق ذكرها تذكر المهاجرين الذين هربوا بأرواحهم وإيمانهم أمام بطش قريش ووصلوا إلى المدينة.

فمن وقعت عليه القرعة كان المهاجر من حظه فيأخذه إلى بيته ويتقاسم معه كل ما يملك في نفس اليوم، ويظل على استعداد لخدمته ليل نهار، ويقدم شكره لله تعالى على حسن حظه حين جعل أخا له في الدين قسيما له في كل ما يملك.

[مقارنة بين أحوال مكة والمدينة]

كانت السيادة في مكة لقريش دون غيرها، وكانت في معظمها، إن لم تكن كلها على الوثنية، أما في المدينة فقد وجدت قبائل مختلفة وأديان متنوعة، وجدت فيها الوثنية، واليهودية وقلة من النصارى، ومن قبائل اليهود القوية بنو النضير، وبنو قينقاع، وبنو قريظة، وكانت تسكن في قلاع منفصلة خاصة بها، وكانت تمتلك مالا وافرا نتيجة لعملها بالتجارة وكذا التعامل بالربا.

ومنذ أن بشر (١) نبي الله موسى عليه السلام اليهود في وعظه بأن الله تعالى يخلق من


= ١٥ - فإنهم من أمام السيوف قد هربوا، من أمام السيف السلول ومن أمام القوس المشدود ومن أمام شدة الحرب.
١٦ - فإنه هكذا قال لي السيد في مدة سنة كسنة الأجير يفنى كل مجد قيدار له.
١٧ - وبقية عدد قسي أبطال بني قيدار تقل لأن الرب إله إسرائيل قد تكلم. [ص:١٠١٥] / ١٥١٦ الطبعة العربية.
والآية ١٣ و ١٤ تأمران الدوانيين باستقبالهم وتقديم الخبز والماء لهم ومن المعروف أن دوان اسم حفيد إبراهيم وولد لينسان وشقيق سبا، وقد سكنت ذريته في اليمن ثم تفرقت هذه القبائل بعد سيل عرم، وقبيلتا الأوس والخزرج (وهما الأنصار) من هؤلاء وقد صرح ابن خلدون بذلك، وفي هذه الآية بيان لما سيحدث من أن الهجرة تقع بسبب سيوف قريش وقسيهم وأيضا أن الأنصار من نسل دوان وتيما اسم ولد إسماعيل الثامن وقد سكن أولاده من بعده في عقب المدينه، وبعد أمر أهل المدينة وحواليها بالنصر والتأييد تبين الآيتان ١٦، ١٧ مصير الظالمين أي مصير قريش، وأن قريش أهل قيدار، وسوف تقل شوكتهم. وهكذا وبعد الهجرة بسنة كانت غزوة بدر، التي قتل فيها رؤساء قريش الكبار فتدهورت مكانتهم وقلت شوكتهم كثيرا ونقصت عزتهم، فالآيات السابقة في جملتها تنبئ عن ذلك بعد ذكر الأسماء بوضوح.
(١) في سفر التثنية (الإصحاح ١٨: ١٥) جاء ما يلي: =

<<  <   >  >>