للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"هل لكم رغبة في شيء يكون فيه خيركم" قالوا: "وما ذاك؟ قال: أنا رسول الله، بعثني إلى العباد أدعوهم إلى الله أن يعبدوا الله ولا يشركوا به، أنزل الله علي الكتاب).

ثم أوضح لهم أصول الإسلام وتلا عليهم القرآن الكريم، فقال إياس بن معاذ وكان لا يزال شابا صغيرا: "يا قومي! هذا والله خير مما جئتم له".

عندئذ أخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من التراب فضرب بها وجه إياس بن معاذ وقال: "اسكت، ما جئنا لهذا"، فنهض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانصرف. كان هذا قبل حرب بعاث بين الأوس والخزرج، ورجع إياس ومات بعدها بعدة أيام. وعند موته ظل يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه. فقد غرست في قلبه بذرة الإسلام حين سمع كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١) وأثمرت حين مات.

وفي تلك الأيام أيضا قدم مكة ضماد وكان من أهل اليمن، واشتهر بين العرب برقياه لمن مسه الجن، فسمع أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - به أثر من جن، فقال لقريش: يمكنني أن أعالج محمدا، فحضر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: يا محمد، سمعت أن بك مس، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - اسمعني أولا:

"الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد .. "

وحين سمع ضماد ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - انطلق قائلا أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادها عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين أو ثلاث مرات، فقال: لقد سمعت قول الكهنة والسحرة والشعراء، فما سمعت مثل هذه الكلمات، ولقد بلغن ناعوس البحر، يا محمد، هات يدك أبايعك على الإسلام" (٢).

[المعراج]

في السابع والعشرين من شهر رجب من السنة العاشرة من البعثة أسرى الله تعالى بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وأراه ملكوت السماوات والأرض، فذهب أولا من المسجد الحرام إلى بيت المقدس وهناك صلى بالأنبياء إماما ثم عرج به إلى السماوات والتقى بالأنبياء كل في مقامه


(١) الطبري ٢/ ٢٣٤.
(٢) صحيح مسلم (رقم ٨٦٨).

<<  <   >  >>