للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث]

حسن سلوك النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أزواجه المطهرات.



جاء في الحديث: "خيركم خيركم بأهله وأنا خيركم بأهلي".
أوجب النبي - صلى الله عليه وسلم - على كل زوج أن يكون دمث الخلق مع أهله. وكان من عادته - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل البيت أن يبادر بالسلام، وإذا سلم ليلا كان ذلك بصوت خافت حتى تسمعه زوجته إن كانت يقظة ولا تستيقظ إن كانت نائمة.
وكان يعدل بين أزواجه في كل شيء من المأكل والملبس والمأوى والنفقة واللقاء، ويزور بيت كل واحدة منهن بعد صلاة العصر ويسأل عن حاجاتهن، ويجتمع بهن في بيت واحد لفترة قصيرة بعد صلاة المغرب، ويبيت مع كل واحدة منهن بالتناوب.
وكان يكرم صواحب أزواجه ويرضي أقاربهن بحسن سلوكه. وإذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه فأيهن خرج سهمها أخذها معه. وكان لكل منهن بيت خاص بها. هذه البيوت التي سماها الله حينا "بالحجرات" وحينا "ببيوتكن" وحينا "ببيوت النبي"، كانت متصلة بعضها ببعض، وكانت صغيرة جدا. فحجرة عائشة رضي الله عنها، التي كانت نافذتها تطل على جناح المسجد النبوي الذي يسمى روضة من رياض الجنة، كانت صغيرة حتى أنها لم تسع عشرة رجال دخلوها للصلاة على جنازة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وكذلك كان الأثاث الذي تشتمل عليه هذه الحجرات قليلا، ففي حجرة حفصة رضي الله عنها كان فراش النبي مسحا تثنيه ثنيتين، وفي حجرة عائشة رضي الله عنها كان فراشه من أدم حشوه ليف. ولما تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة رضي الله عنها أعطاها بيت زينب أم المساكين رضي الله عنها، وجميع ما وجدته أم سلمة رضي الله عنها من الأثاث في هذا البيت هو الرحى وعدة صاع من الشعير.
وأخبر ابن عباس رضي الله عنهما أن الماء في بيت خالته ميمونة رضي الله عنها كان يوضع في سقاية. وذكر أنس رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له كوب من خشب، تشرب بها صنوف الأشربة. ولما فتح خيبر جعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكل زوجة من أزواجه ثمانين

<<  <   >  >>