للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الأول]

محمد - صلى الله عليه وسلم - وتعدد الزوجات.



انظروا إلى حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لقد قضى خمسا وعشرين سنة من حياته التي امتدت لثلاث وستين سنة دون زواج، فالذي قضى عهد يفوعته وشرخ شبابه تقيا ورعا طاهر الذيل، والذي استمال جمال رجولته حرائر من النسب العالي، فرغبن في الزواج به، ولم يتغلب على تجرده شيء طيلة ربع قرن من الزمان، أفلا يظن بمثل هذا الرجل خيرا؟.
من قضى من عمره خمسا وعشرين سنة يعايش زوجة أكبر منه بخمس عشرة سنة، تزوجت قبله زوجين وولدت منهما أولادا، ومع ذلك لم تذبل وردة محبته لها طوال ربع قرن من الزمان، بل ظل يذكرها دائما حتى بعد موتها. هل يستطيع أحد أن يقول عنه بأنه تزوج بها لما يتزوج له الآخرون، أي للجمال ولإشباع الغريزة الجنسية؟ إن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - فترة (من سنة ٥٥ هـ إلى سنة ٥٩ هـ) تم فيها زواجه مع أزواجه الطاهرات، ولذا يجب على كل إنسان أن يفكر في العوامل والأسباب التي كانت وراء كل ما قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خمس وخمسين عاما من حياته، ولا سيما حين نفكر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مالي في النساء من حاجة" (١). حتى يعلم أن تعدد زوجاته كان يهدف إلى كثير من الفوائد الدينية، والمصالح السامية للدولة الإسلامية، والأهداف النبيلة للأمة. وتحقيق هذه الفوائد والمصالح والأهداف في ذلك الزمن القديم، وفي تلك المنطقة المتخلفة في جزيرة العرب، إنما كان يتوقف على تعدد الزوجات (٢).
تأملوا مثلا في زواج أم المؤمنين صفية رضي الله عنها، فجميع الحروب التي وقعت قبله كانت تتحرك فيها أصابع اليهود سرا أو علنا، ولكن بعد أن تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم المؤمنين صفية لم يشارك اليهود في حرب من الحروب ضد المسلمين فما أوجب هذا النكاح!.

<<  <   >  >>