بدأ النبي - صلى الله عليه وسلم - الدعوة العلنية للجميع، فكان يذهب إلى كل محفل أو جمع وإلى كل طريق أو ممر يدعو الناس إلى التوحيد، وينهاهم عن عبادة الأوثان والأحجار والأشجار، ويمنعهم من قتل بناتهم ومن ارتكاب فاحشة الزنا، ولعب الميسر.
[أعظم ما في دعوته]
كان - صلى الله عليه وسلم - يطالب الناس بأن يطهروا أجسامهم من النجاسة وثيابهم من القذارة، وألسنتهم من الفحش وقلوبهم من المعتقدات الكاذبة، وأن يوفوا بوعودهم، وأن يبتعدوا عن الغش والخداع في البيع والشراء، وأن ينزهوا ذات الله من كل عيب ونقص وشين، وأن يؤمنوا إيمانا قاطعا بأن الله هو خالق الأرض والسماء والقمر والشمس، وهو خالق الكبير والصغير، وأن الجميع محتاجون إليه، وهو الذي يسمع الدعاء، ويشفي المرضى ويحقق الآمال، ولا يمكن لأحد أن يفعل شيئا إلا بإذن الله، والملائكة والأنبياء أيضا لا يخالفون حكمه.
واشتهرت في الجزيرة العربية أسواق عكاظ وعيينة ومجنة وذي المجاز يفد إليها الناس من كل مكان، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذهب إلى هذه الأماكن ويقوم بدعوة الناس القادمين إلى هذه الأسواق إلى الإسلام والتوحيد.
[معارضة قريش]
أما قريش التي اعتبرت نفسها أعظم قبائل العرب وأنها كالحوت في البحر، فلم يعجبها كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان ذلك لأسباب منها:
١ - كانت قريش قاصرة عن فهم معنى النبوة، فقد استبعدت أن يأتي إنسان بحكم من الله يهدي الناس ويرشدهم.
٢ - لم تكن قريش تؤمن بالثواب والعقاب طبقا للأعمال خيرها وشرها، وهكذا فإن القول بالحساب بعد الموت كان يلقى من قريش كل سخرية واستهزاء.
٣ - كانت قريش في غرور كبير بالنسب وبكرم الآباء، ومن هنا شعرت بأن قبول فكرة المساواة الإسلامية والأخوة الإسلامية هو نوع من التحقير والذل.