للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووسط هذه الظروف كان محمد (ص) هو الذي كشف هذه الحقيقة وجعل البشرية أفضل درجات الخلق معلنا أنه هو نفسه بشر فهذه الكلمة الشريفة ((منكم)) أوضحت من ناحية أن الإنسان ((أشرف ما كان)) ومن ناحية أخرى حولت قصار النظر إلى التحليق في الآفاق، وأزالت سحب الأوهام وكشفت ستارة الظنون، ومزقت حجب الجهل، ورسمت أنظمة الحقيقة على لوح القلب، الحقيقة القائلة بأن كل إنسان رغم أنه يمتلك المواهب والكمالات والقدرة الكاملة للسيطرة على الطبيعة فهو بشر.

وسيدنا محمد (ص) هو سيد الكون لأن إتمام كمالات العبدية كان من خلال عنصره البشري الشريف، وقد ورد في القرآن الكريم على لسان النبي (ص) في موضع آخر:

{هل كنت إلا بشرا رسولا} (١).

وهكذا فإن كلمة ((منكم)) رفعت درجة البشرية وأثبتت أن ذات النبي (ص) أرفع وأعلى من التأويلات الخيالية لقصار النظر وبهذا يثبت أن النبي (ص) هو رسول رب العالمين وهو بشير للناس أجمعين.

[الخاصية الثالثة]

{وعلمك ما لم تكن تعلم} (٢).

ثبت من آيات عديدة من القرآن الكريم أن النبي (ص) لم يكن يعرف القراءة ولا الكتابة ويتضح من كلمة ((علمك)) أن الله تبارك وتعالى هو الذي علم النبي (ص).

وفي الدنيا يتم تعليم ((التلميذ)) عن طريق السمع والبصر أي الحسيات وحين يستقر هذا التعليم في الحواس الإنسانية يطلق عليه اسم ((التعلم)).

أما تعليم الأنبياء فيبدأ من القلب: {نزله على قلبك} (٣) ولهذا فهناك فرق كبير بين تعليم الله وتعليم العبد، يقول الله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى} (٤).


(١) سورة الإسراء: ٩٣.
(٢) سورة النساء: ١١٣.
(٣) سورة البقرة: ٩٧.
(٤) سورة الأعلى: ٦.

<<  <   >  >>