رضي الله عنهما أرادا الهجرة معي، وفي وقت الرحيل وصل عياش إلا أن هشام لم يصل فقد بلغ كفار قريش خبره فحبسوه.
ولم يكد عياش رضي الله عنه يصل إلى المدينة حتى وصل إليها أبو جهل والحارث، وعياش بن أبي ربيعة ابن عمهما وأخاهما لأمهما. فقال أبو جهل والحارث لعياش: لقد ساء حال أمك بعد رحيلك وأقسمت ألا يمس رأسها مشط ولا تستظل من شمس حتى تراك فلتذهب معنا يا أخي حتى تستريح أمك.
قال عمر الفاروق رضي الله عنه: يا عياش يبدو أنها خدعة ولو آذى القمل أمك لامتشطت ولو اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فلا تذهب.
قال عياش: لا، أعود أبر بقسم أمي.
قال عمر الفاروق: إذا كان الأمر كذلك، فخذ ناقتي هذه فإنها نجيبة ذلول فالزم ظهرها فإن رابك من القوم ريب فانج عليها.
فأخذ عياش رضي الله عنه الناقة، ومضى الثلاثة، وذات يوم وهم في الطريق بالقرب من مكة قال أبو جهل: لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال عياش: بلى.
ولما أناخ كل منهم رحله، واستووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه ثم دخلا به مكة هكذا. وكانا يقولان بفخر: انظروا هكذا فليكن عقاب سفهائكم وهكذا سجن عياش رضي الله عنه مع هشام بن العاص وحين وصل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، قام الوليد بن المغيرة بتحقيق أمنيته رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلى مكة وأخرجهما من محبسهما (١).
وتكفي هذه القصص الثلاث لبيان المشكلات والمصاعب التي واجهت المسلمين أثناء الهجرة، فترك الوطن والبيت ليس بالامتحان والابتلاء السهل.
[الهجرة]
حين لم يبق في مكة من المسلمين إلا القليل، ولم يبق من مشاهير الصحابة إلا أبو بكر وعلي رضي الله عنهما، رأت قريش مكة أن الفرصة قد حانت لقتل محمد.
(١) سيرة ابن هشام المجلد الأول ١٦٧، المجلد ٢/ ١١٨.