وبناء على هذا التصريح يستطيع عالم مسلم أن يخاطب العالم كله ويقول: هاتوا مسألة تتعلق بتهذيب النفس وتزكية الروح وصفاء القلب وحصول النجاة، سواء كانت مبنية على الفلسفة العليا أو الكشوف القديمة والجديدة أو التجربة، أو أخذت من إلهيات الإشراقين أو إشراقات الإلهيين، نأتي لكم ببيانها مع وضوح بالغ وصحة تامة من القرآن الكريم، يقول تعالى:{ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}(الفرقان: ٣٣).
٢ - إن أمم العالم التي تؤمن بوجود الباري تعالى، تقول بمسألة التوحيد من الناحية العلمية، فنرى الوثني والقائل بالتثليث أيضا يسعى لإثبات الوحدة في الكثرة.
والآن انظروا إلى هذه المسألة (التي استحسنها العالم كله وحاول كل دين من أديانه إثباتها في كتبه) إنها لم تعرض بطريقة أفضل وأحسن مما عرضت في القرآن الكريم.
فعرض هذه الأديان لمسألة التوحيد هو بالنسبة لعرض القرآن يشبه الماء المكدر بالنسبة للماء الزلال.
ولو شك أحد في هذا فليأت بكتابه المقدس وليفتحه في أي موضع شاء، وليفتح القرآن هكذا وليترجم جزءا جزءا بعد ذلك الموضع، وتقدم الترجمة إلى صاحب دين ثالث، حتى يحكم في الكتابين أيهما أكمل وأوضح في بيان التوحيد وشرحه؟
ثم ليعلم أن قوله تعالى {لا يأتون بمثله}(الإسراء: ٨٨) يعني الأسلوب البديع والألفاظ العالية والترتيب الفريد والطريقة الفريدة وإعجاز الفصاحة والبلاغة وجزالة