٢ - {وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم) (يونس: ٢).
وهذه الآية تخبر عن وجود قدم صدق وتبشر بها.
والمراد بقدم صدق هو الأعمال الصالحة والأفعال الحسنة التي أتى بها العبد المطيع في حياته الفانية وقدمها إلى جانب رب العزة قبل رحيله إلى القبر.
إن تقديم الأعمال يكون من المؤمن والكافر ومن المطيع والفاسق جميعا، ولكن قدم صدق لا يطلق إلا على أعمال المؤمن.
٣ - ورد في دعاء سيدنا إبراهيم عليه السلام:
{واجعل لي لسان صدق في الآخرين} (الشعراء: ٨٤).
ورد في هذه الآية الدعاء بلسان صدق، والمراد بلسان صدق هو الثناء الحسن، وهو يعطي كجزاء حسن للعبد الذي تتصف أفعاله وأعماله وأقواله عند الله تبارك وتعالى بالتمام والكمال وفق معيار الصدق.
١٥ - والطاعة حسبي: معنى الطوع الذي اشتقت منه الطاعة هو انقياد الأمر واتباع الحكم، حينما يقوم المطيع باتباع الحكم مع انشراح الصدر ونشاط القلب.
والحسب هو المجد الذي يحصل بالمال أو الدين أو الصفات الحسنة والأخلاق الفاضلة أو الجود والسخاء.
والحديث المذكور يتضمن صنعة التضاد، أي يحسب الناس عامة أن الأشياء التي يتم بها التفوق على الآخرين تؤدي إلى المجد والكمال.
ولكن النبي (ص) جعل الطاعة والعبودية موجبا للتفوق والعلو. ولاشك أن هذه هي الخاصية التي تتجلى بكمال في حياة الأنبياء عليهم السلام عامة وفي حياة النبي (ص) خاصة.
وكان من شروط الكفار في الحديبية أن من لحق من قريش بالمسلمين يجب رده إلى قريش، ولكن من انضم من المسلمين إلى قريش لا يجب رده.
وبدا هذا الشرط بظاهره مذلة للمسلمين، فرأى عمر الفاروق رضي الله عنه وأسيد ابن حضير وسعد بن عبادة وسهل بن حنيف من المسلمين الغياري الذين كانوا يرددون دعاءهم بقولهم ((أعز الإسلام والمسلمين)) أن هذا الشرط ينافي حمية المسلمين وعز الإسلام.