للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شفقته ورأفته: روى أن أعرابيا جاءه يطلب منه شيئا فأعطاه ثم قال: " أحسنت إليك! " قال الأعرابي: لا، ولا أجملت، فغضب المسلمون، وقاموا إليه، فأشار إليهم أن كفوا، ثم قام ودخل منزله وأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزاده شيئا، ثم قال: "أحسنت إليك " قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي من ذلك شيء، فإن أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك " قال: نعم. فلما كان الغد أو العشي جاء فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه فزعم أنه رضى أكذلك: قال: نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مثلي ومثل هذا مثل رجل له ناقة شردت عليه، فاتبعها الناس، فلم يزيدوها إلا نفورا فناداهم صاحبها خلوا بيني وبين ناقتي، فإني أرفق بها منكم، وأعلم، فتوجه بها بين يديها، فأخذ لها من قمام الأرض، فردها حتى جاءت واستناخت وشد عليها رحلها، واستوى عليها، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار".

٢ - ومن شفقته - صلى الله عليه وسلم - أن دعا ربه وعاهده فقال: " أيما رجل سببته أو لعنته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة وصلاة وطهورا وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة ".

٣ - روى الإمام أحمد والطبراني أنه جيئ إليه برجل فقيل هذا أراد أن يقتلك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لن تارع، لن تارع، ولو أردت ذلك لم تسلط علي " (١).

العفو والكرم: أما العفو فهو ترك المؤاخذة مع تحقق الجريمة والقدرة على معاقبة المجرم. وأما الكرم فهو السخاء والسماحة.

١ - عن أنس رضي الله عنه قال: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه برد غليظ الحاشية فجذبه أعرابي بردائه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه ثم قال: يا محمد احمل لي على بعيري هذين من مال الله الذي عندك فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال:


(١) كتاب الشفاء [ص:٤٨].

<<  <   >  >>