للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الرابع

نموذج التعليم

من أراد أن يعرف نموذج تعليم القرآن وتأثيره في النفوس البشرية عليه أن ينظر إلى أحوال الصحابة والتابعين وأئمة الدين وأن يطلع على مدى صبرهم على المصائب وتحملهم للنوائب وشكرهم على النعم، وأن يعرف تواضع المسلمين وخشيتهم لله ومواساتهم للناس وإخاءهم فيما بينهم ونفعهم لغيرهم وتعففهم وتساميهم وإكرامهم للضيوف، وأن يحيط علما بأصول الهدف والغاية عند المسلمين وأصول مدنيتهم وأصول حكومتهم. إن جميع هذه النماذج من إعداد القرآن وتوجيهه.

قال القبطان (ايزال تيلر) في خطابه الذي ألقاه أمام المؤتمر الألماني للكنيسة في دولور همتين يوم ١٢ مايو ١٨٨٧ م بصراحة:

((إن المناطق الهمجية التي أظلها الإسلام في أفريقيا قد انعدم منها إلى الأبد الزنا والميسر ووأد البنات ونقض الوعد والقتل والنهب والخرافات وشرب الخمر وغيرها. ولكن ديانة أخرى غير الإسلام إذا دخلت في جزء آخر من هذه المناطق رسخت الفواحش المذكورة بين أهلها وسكانها)) (١).

إن القرآن الكريم بنفسه يصرح عن نموذجيته:

{كنتم خير أمة أخرجت للناس} (آل عمران: ١١٠).

اقرأوا أحوال صهيب، كان حدادا ولما منعته قريش من الهجرة إلى المدينة سلم لهم جميع ما ادخره ومضى لسبيله. فمن علمه هذا الإيثار (٢).

فكروا في سيرة أم سلمة، حيل بينها وبين زوجها، وسلب ولدها منها، ولكنها آثرت في سبيل الله سفر ثلاثمائة ميل وهي وحيدة، وانطلقت إلى مدينة الرسول (ص)، فمن أين جاءتها هذه الجرأة والتضحية والعاطفة (٣).


(١) ملخص من جريدة ((سانت جيمس جازيت)) لندن، ٨ / اكتوبر ١٨٨٧ م.
(٢) الاستيعاب ٢/ ٧٢٨.
(٣) ابن هشام ٢/ ١١٢.

<<  <   >  >>