للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مصاعب الهجرة]

وكان المهاجرون والذين تركوا ديارهم يواجهون مقاومة شديدة من قريش بمكة:

١ - حين أراد صهيب الرومي رضي الله عنه الهجرة، جاءه كفار قريش وقالوا له: أتيتنا مفلسا حقيرا، فكثر مالك عندنا، ثم تريد أن تخرج من هنا وتريد أن تأخذ معك كل هذا المال، لا يكون هذا أبدا.

فقال لهم صهيب، أرأيتم إن جعلت لكم مالي، أتتركوني أمضي. قالت قريش، نعم.

فأعطاهم قريش جميع ماله، وهاجر إلى يثرب، وسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصة فقال: ربح صهيب، ربح صهيب! (١).

٢ - تقول أم سلمة رضي الله عنها، أراد زوجي أبو سلمة الهجرة، فحملني إلى بعيره، وفي حضني طفلي سلمة، وحين بدأنا السير قدم إليه رجال بني المغيرة وقالوا له: يمكنك أن تذهب، ولكنك لا يمكن أن تأخذ ابنتنا، وقدم بنو عبد الأسد أيضا وقالوا لأبي سلمة، يمكنك أن تذهب ولكن الطفل طفل القبيلة لا يمكن أن تأخذوه فنزعوا خطام البعير من أبي سلمة وأناخوها، وسلب بنو عبد الأسد الطفل من حضن أمه، وأخذ بنو مغيرة أم سلمة، أما أبو سلمة الذي يعتبر الهجرة في سبيل الدين فرض، فقد انطلق إلى يثرب دونما زوجه وطفله.

وكانت أم سلمة رضي الله عنها تخرج مساء كل يوم في المكان الذي انفصلت فيه عن زوجها وطفلها، فلا تزال تبكي لساعات ثم تعود، وظلت على هذا الحال سنة، حتى مر بها رجل من بني عمها فرق لحالها، فتحدث مع القبيلتن حتى سمح لها باللحاق بزوجها. وأعيد لها طفلها أيضا، فارتحلت أم سلمة على بعير متجهة إلى المدينة وحيدة مع طفلها (٢)، وأصاب مثل ذلك تقريبا كل صحابي.

٣ - يقول عمر الفاروق رضي الله عنه: إن عياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي


(١) سيرة ابن هشام [ص:١٦٨]، ٢/ ١٢١. مات صهيب رضي الله عنه بالمدينة المنورة في شوال سنة ٣٨ هـ عن عمر يناهز الثالثة والسبعين
(٢) سيرة ابن هشام ٢ / [ص:١١٢]- ١١٣.

<<  <   >  >>