للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي ظلمة الليل ذهب حيي بن أخطب إلى بني قريظة واتفق مع رئيسهم على نقض العهد والتحالف معهم، وأرسل لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عددا من النقباء حتى يثنوهم عن عزمهم ولكنهم قالوا بوضوح: لا عقد بيننا وبين محمد (١).

وحاول بنو قريظة بعد ذلك الإخلال بأمن المدينة وتعريض نساء المسلمين وأطفالهم للخطر مما اضطر المسلمين إلى تخصيص ثلاثة آلاف جند المسلمين لحراسة هذا الجزء من المدينة.

واعتقد بنو قريظة أن وجود عشرة آلاف من جنود الأعداء خارج المدينة مع قيامهم بإخلال الأمن داخل المدينة سوف يؤدي إلى الفت في عضد المسلمين وسيتم القضاء عليهم نهائيا ولا يبقى لهم اسما ولا رسما.

ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره الحرب، لهذا استشار صحابته في أن يعقد صلحا مع رئيس غطفان على ثلث ثمار المدينة، إلا أن الأنصار فضلوا القتال، وقال سعد بن معاذ وسعد ابن عبادة؛ قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك وعبادة الأوثان، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا، والله لا نعطيهم إلا السيف.

واستمر الحصار عشرون يوما، حدثت فيها أحيانا مناوشات بسيطة بالرميا والنبال، وأقبل عمرو بن عبد ود وكان يعتبر نفسه مساويا لألف شاب، فبارزه علي بن أبي طالب وقتله.

وقتل أيضا نوفل بن عبد الله بن المغيرة، وقد عرض أهل مكة عشرة آلاف درهم للحصول على جسد نوفل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اعطوهم الجسد ولا حاجة لنا بثمنه.

ولما لم يتمكنوا من اختراق حصار المسلمين، حبطت همتهم، وفي ليلة من الليالي، وبقدرة الله تعالى وجد المشركون أنفسهم وقد خسروا كل شيء وأصيبوا بالرعب والخوف، وصدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده (٢).

[نهاية بني قريظة]

بعد أن تخلص النبي - صلى الله عليه وسلم - من هذه المصيبة أرسل في طلب بني قريظة، وسألهم عن


(١) الطبري ٢/ ٥٧١، وسيرة ابن هشام مجلد ٢/ ١٤١.
(٢) انظر زاد المعاد ٣/ ٢٧٤.

<<  <   >  >>