للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

موقفهم في غزوة الأحزاب، فإذا بهم قد تحصنوا، واستعدوا تماما للقتال، وهناك عرف المسلمون أن رئيس بني النضير حيي بن أخطب الذي كان قد جاء ليحرض بني قريظة ضد المسلمين لا يزال داخل حصنهم.

ولم يكن هذا أول غدر يصدر عن بني قريظة، بل سبق لهم أن ساعدوا قريشا (الذين قدموا للهجوم على المسلمين) بإمدادهم بالأسلحة، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - الرحيم الكريم عفا عنهم وسامحهم على فعلتهم تلك.

ولما تحصنوا داخل قلاعهم لم يجد المسلمون أمامهم من حل سوى القتال، فحاصروهم في شهر ذي الحجة واستمر الحصار لخمسة وعشرين يوما، وضاق بنو قريظة من شدة الحصار، فوسطوا مسلمي قبيلة الأوس وكان بينهم علاقة، وطلبوا من النبي قبول حكم سعد بن معاذ (وهو رئيس قبيلة الأوس) فيما يتعلق ببني قريظة وأن يوافق النبي على ما سيصدره سعد من حكم.

وهكذا خرجت بنو قريظة من الحصن، وعهدت بالقضية إلى سعد، ويعلم الله وحده الآمال التي علقها يهود بني قريظة ومسلمو الأوس على سعد وما سيصدره من حكم.

وبعد التحقيقات اللازمة أصدر هذا الرجل العسكري حكمه بأن:

١ - يقتل الرجال القادرين على القتال.

٢ - تسبى النساء والأطفال.

٣ - وتقسم الأموال.

والحديث الذي أورده البخاري عن أبي سعيذ الخدري فيما يتعلق بتنفيذ قضاء سعد يفهم منه قتل الرجال القادرين على القتال، ولكن لم يرد في الحديث ذكر لسبي النساء والأطفال.

ويجب على القارئ أن يتذكر أن الحكم الذي اختاره من حكموا في قضيتهم هو نفسه الحكم الذي كان يعاقب به اليهود أعداءهم تقريبا (١) وهو موجود في شريعتهم.


(١) ذكرنا أنه نفس العقاب تقريبا لأن اليهود كانوا يعاقبون أسراهم بأكثر من ذلك، وقد ورد في التوارة في سفر العدد الأصحاح ٣١/ ٦ - ٣٥ ما يلي: =

<<  <   >  >>