٤ - لعل القراء يعلمون سبب لقاء بيعة العقبة الأساسي حيث اضطر ركب إلى اللجوء إلى عقبة الجبل خوفا من وحشة الطريق وظلمة الليل، فاتجه إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في مثل هذا الأوان يدعوهم إلى الهدى وينقذهم من الضلال.
٥ - إن القيام بإعلان المبادئ السلمية أمام العالم كله، وإعلان ضلال كل المذاهب في بلاد سادها حكم سفك الدماء، وعدم الاكتراث بغضب كسرى، وقيصر، وملوك الحبشة، والقبائل العربية الضارية، كل هذا يدل على شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - ورباطة جأشه، مما يندر وجود نظير له في التاريخ.
[تواضعه]
أما التواضع فكان من صفاته اللازمة، كان من تواضعه - صلى الله عليه وسلم - أن يركب البغلة والحمار، ويحمل خلفه الآخرين، وكان يعود المساكين ويجالس الفقراء ويجلس بين أصحابه مختلطا بهم، وحيثما انتهى به المجلس، جلس ويجيب دعوة العبيد، ويحمل بضاعته من السوق، ويعقل البعير ويعلف ناضحه، وكان في بيته في مهنة أهله.
وعن أنس رضي الله عنه قال: حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رحل رث، وعليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل عليه أكاف من ليف وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: دخلت السوق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فاشترى سراويل وقال للوزان:" زن وأرجح " وذكر القصة قال فوثب إلى يد النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبلها فجذب يده وقال:" هذا تفعله الأعاجم بملوكها ولست بملك إنما أنا رجل منكم ".
[حياؤه]
١ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه. - متفق عليه.
وكان من أثر هذه الصفة أنه لا يسمي أحدا فيه عيب.
٢ - روى أنس رضي الله عنه أنه كان عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل به أثر صفرة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكاد يواجه أحدا بشيء يكره فلما قام قال للقوم:" لو قلتم له يدع هذه الصفرة "(١).