للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة)) رواه البخاري.

٣ - وقد روى جابر قصة أخرى وقعت في الحديبية أيضا وقد ذكرها البخاري. وبما أن النبي (ص) كان قد أقام بالحديبية أسبوعا، قلنا جمعا بين الأحاديث أن القصة الأولى وقعت أول يوم، ثم كانت الحاجة إلى الماء بعد ذلك فأتى النبي (ص) بئر الحديبية فجلس على شفيرها فدعا بماء فمضمض ومج في البئر، فمكثنا غير بعيد ثم استقينا (١).

كان هذا النظام ثابتا مستقلا لجيش بلغ عدده ألفا وخمسمائة. وقد روى البخاري هذه القصة عن البراء أيضا، وفيها: ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا (٢).

ويبدو من رواية أحمد أن البئر ساحت، يعني جرت نهرا، قال: فلقد رأيت أحدنا أخرغ بثوب خشية الغرق (٣).

[عام ٩ هـ]

٤ - عن عمران بن حصين أنهم كانوا مع النبي (ص) في مسير (٤) فأدلجوا ليلتهم ثم عرسوا فغلبتهم أعينهم حتى ارتفعت الشمس وصلوا صلاة الصبح حينئذ، وجعلني رسول الله (ص) في ركوب بين يديه وقد عطشنا عطشا شديدا، فبينما نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين، فقلنا لها: أين الماء؟ قالت: إنه لا ماء، فقلنا: كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت: يوم وليلة، فأتينا بها إلى النبي (ص) فحدثته أنها مؤتمة، فأمر بمزادتيها فمسح في العزلاوين، فشربنا عطاشا أربعين رجلا حتى روينا فملأنا كل قربة معنا وإداوة غير أنه لم نسق بعيرا، وهي تكاد تنض من الملء، ثم قال: هاتوا ما عندكم، فجميع لها من الكسر والتمر حتى أتت أهلها، قالت: لقيت أسحر الناس، أو هو نبي كما زعموا، فهدى الله ذاك الصرم بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا (٥).

إنها لمعجزة عجيبة رأتها امرأة غير مسلمة، وذكرت النبي (ص) فقالت ((أسحر الناس)) ولكن الذين سمعوها تيقنوا فورا أن السحر ليست فيه قوة تسقى العطشانين وتملأ آنيتهم بالماء.


(١) البخاري ٣٥٧٧ عن البراء بن عازب.
(٢) البخاري ٤١٥٠.
(٣) مسند أحمد ٤/ ٢٩٢، البداية والنهاية ٩٥/ ٦.
(٤) وهو سفر تبوك كما في فتح الباري ومعارج النبوة.
(٥) البخاري ٣٥٧١ ومسلم ٦٨٢.

<<  <   >  >>