من أراد معرفة ضرورة القرآن الكريم عليه أن يتدبر تاريخ ذلك العصر وأحوال العالم.
كان مجوس إيران غارقين في بحر الشرك، حتى أنهم تعدوا حدود الإنسانية وأباحوا للإنسان أمه وبنته وأخته.
وابتلى نصارى كنيسة روما بالوثنية الصريحة، وسفكوا دماء مئات الألوف من البشر فسالت أنهارا في سبيل نشر عقيدة الشرك.
وكانت الصين غارقة في عبادة القبور والعفاريت والغيلان، ثم ادعى أهلها بأنهم من أبناء السماء ووقعوا في براثن الفجور والفسق وجعلوا الخمر أحسن أفعال الإنسان وأقاموا تماثيل لعورات الإنسان واعتبروا وأد البنات والميسر علامة الكرامة الإنسانية. وكان العرب قد سبقوا أهل البلاد الأخرى في بعض القبائح المذكورة.
وهكذا كان الظلام مخيما على جميع المعمورة، وكانت الكتب المنزلة إلى الوقت غير كافية للقضاء على الزيغ والضلال، وكيف نتوقع لها تأثيرا في القضاء على فساد العالم كله إذا كانت الأمة التي نزلت عليها هذه الكتب قد خرجت على تعاليمها. وهكذا كانت هناك حاجة إلى كتاب مهيمن يستطيع إصلاح العالم كله، ويسع في طياته جميع الكتب السابقة، ويغني بمجموعه العالم كله عن الأوراق الأخرى المبعثرة.
فكما ينزل غيث الرحمة ينزل بعد الحر الشديد، وتطلع الشمس المنيرة بعد ظلام الليل الحالك، فكذا أظهرت الظلمة السائدة على العالم كله ضرورة القرآن الكريم والنور المبين، وأشعرت بها قلوب العالمين.
ولذا أنزلت الرحمة الربانية التي خلقت الإنسان من عدم وجعلت من النطفة إنسانا كاملا، هذا النور وهذه الهداية لسد حاجتنا الروحية.
ومن سوء الحظ وجدت في الهند طائفة تعتقد أن الله هو أرحم الراحمين، ولكنها