تنكر ضرورة نزول كلام الله إلى الدنيا، إن هؤلاء العمي يعترفون بأن نور السماوات والأرض منح العيون الرؤية فخلق لها ألوانا كثيرة، وخلق الأسماع فخلق لها أصواتا متنوعة، وخلق الأرجل فجعل لها الأرض تمشي عليها، وخلق الفم واللسان فجعل لهما ألوانا من اللذائذ والرغائب.
والحاصل أنه خلق عالما مستقلا لجميع الحواس الظاهرة والقوى الباطنة في جسم الإنسان.
ولكنها مع الاعتراف بذلك كله تنكر وجود عالم مستقل للروح الإنسانية التي تعتبر مخزنا للفطرة الإنسانية وحاكمة في دنياها. ولو أنها أنكرت الروح لما تأسفنا عليها هذا التأسف، ولكن الاعتراف بالروح وإنكار العالم الخاص بها من قبل الرحمة الإلهية، لا يدل إلا على الجهل بأسرار الفطرة.
هذا، ونضع لإثبات ضرورة القرآن الكريم تاريخ العالم أمام أهله، وكذلك كل ما تحقق لدين من أديان العالم من رقي ونهضة بعد نزول القرآن الكريم وانتشاره بين الناس، وكذلك الإصلاح الذي تحقق للأمم غير المسلمة في عهد الرسالة المحمدية التي صار لها الآن نحو ١٣٥٢ سنة (١)، بعد الاستفادة من القرآن، وبعد الاطلاع على هذه النهضة والإصلاح نرجو أن يعترف كل مؤلف بالضرورة بأن العالم كان في أمس الحاجة إلى نزول القرآن الكريم.