وجعلت أموال المنبوذين تحت تصرف البراهمة، ولم يوجب القصاص على أحد من البراهمة في قتل المنبوذ.
أما الإسلام فليس بين أهله منبوذا، فأموال الجميع وأرواحهم مصانة على حد سواء، والجميع سواء في الحقوق الاجتماعية والمدنية وكل يصلح أن يشغل منصب الحاكم والملك في أمور الدنيا، ومنصب الإمامة في أمور الدين.
لقد طال بحثنا في هذه النقطة، وليس من منهج الكتاب تفصيل الكلام في كل نقطة من هذه النقاط، ولذا نختم هذا البحث الطريف هنا، ونود أن نوضح للقراء أن ((رحمة للعالمين)) ليس خاصية للنبي فحسب، بل اسم وعلم أيضا، ولم يقترحه أحد، ولا سماه به أبوه أو أمه، ولا تخيله شاعر، ولا نطق به عاشق حبيب، بل إنه حقيقة كشف عنها الله تعالى، ومنبع صدق، دل عليه النبي (ص) وبشارة تريد القدرة الربانية إيصالها إلى أذن كل مخلوق، ونداء سار يجعل العالمين يتطلعون إلى المنن الإلهية.
[الخاصية السادسة والعشرون]
{فبهداهم اقتده}(الأنعام: ٩٠)
معنى الاقتداء في اللغة موافقة الثاني للأول.
ونظرة عابرة إلى معنى الآية توضح أنها تأمر النبي (ص) باتباع غيره، ومن الظاهر أن هذا المعنى يعارض اعتقاد كافة المسلمين من أنه (ص) إمام الأنبياء كلهم.
ومن هنا نحتاج إلى تفسير معنى الآية، حتى يتضح أن الآية دالة على فضل النبي (ص). وينبغي للقراء أن يبدأوا التدبر من قوله تعالى {وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات}(الأنعام: ٧٥).
إن الله تعالى ذكر في هذا الركوع ثماني عشر نبيا، وقد روعي في هذا الذكر ترتيب بديع غير الترتيب الزمني وترتيب المنزلة:
الأول ترتيب حسب أصول النسب: وقد ذكر في هذا الصنف من الأنبياء: نوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام، فإن أنساب أنبياء العالم تنتهي إليهم، وأكثر الأمم تنتسب إليهم من ناحية النسل: