للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو عائد من الطائف: "لماذا أدعو هؤلاء الناس، ماذا لو لم يؤمنوا بالله؟ وإني لأرجو الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله الواحد".

[خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - للدعوة في مناطق مختلفة]

بعدما رجع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة بدأ يذهب إلى مساكن مختلف القبائل، أو يذهب خارج مكة .. ويلتقي بالمسافرين هنا وهناك يدعوهم إلى الإيمان وعباده الله وحده، وقد أتى أيضا قبيلة بني عبد الله، فقال لهم إن أباكم كان عبد الله، فكونوا اسما على مسمى (١)، وذهب إلى منازل قبيلة بني حنيفة، فلم يكن أحد من العرب أقبح ردا عليه منهم، كما أتى قبيلة بني عامر بن صعصعة. وكان رئيس القبيلة يدعى بحيرة بن فراس، وكان قد سمع عن دعوة الإسلام، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: حسنا لو آمنا بما جئت به ثم انتصرت على مخالفيك، فهل تعدنا أن يكون لنا الأمر من بعدك؟ - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الأمر لله يضعه حيث يشاء، فقال بحيرة: أنضع نحورنا للعرب الآن فإذا ظهرت كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، وكان معه في سفره هذا رفيقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

[إيمان سويد بن صامت]

في تلكم الأيام التقى النبي - صلى الله عليه وسلم - السويد بن صامت وكان يلقب في قومه بالكامل، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، فقال سويد: "فلعل الذي معك مثل الذي معي". فسأله النبي - صلى الله عليه وسلم - "وماذا معك؟ " فقال: "حكمة لقمان" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أعرضها علي" فأسمعه بعض الأشعار الجيدة. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا كلام حسن، ولكن معي القرآن أفضل منه، هدى ونور ثم تلا عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - آيات من القرآن الكريم، فأسلم على الفور، وحين رجع إلى يثرب (المدينة) قتلته الخزرج (٢).

[الدعوة في سفارة يثرب وهداية إياس بن معاذ]

وفي تلك الأيام قدم إلى مكة أبو الحيسر أنس بن رافع وكان برفقته بعض شباب بني عبد الأشهل، ومن بينهم إياس بن معاذ، جاءوا يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، فأتاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال لهم:


(١) صحيح مسلم عن عائشة أم المؤمنين (رقم ٧٩٥).
(٢) انظر الطبري ٢/ ٢٣٢.

<<  <   >  >>