كتاب رحمة للعالمين

عبد المطلب - عبد الله والد النبي - صلى الله عليه وسلم - ص: 344

الناس أنه أول رجل أريق دمه في سبيل الله، ويقول بعضهم: إنه سعد بن وقاص، وشهد طليب بدرا واستشهد يوم أجنادين وليس له ذرية من بعده.

[عبد الله والد النبي - صلى الله عليه وسلم -]

كان أحب ولد عبد المطلب إليه. وكان عبد المطلب قد نذر لئن ولد له عشرة نفر لينحرن أحدهم لله عند الكعبة، فلما ولد له عشرة أراد إيفاء نذره فضرب بالقداح فخرج القدح على عبد الله، فأخذه عبد المطلب بيده، وأخذ الشفرة ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه فعارضه ابنه أبو طالب وقال:

كلا ورب البيت ذي الأنصاب ... ما ذبح عبد الله بالتلعاب

يا شيب إن الريح ذو عقاب ... إن لنا جره في الخطاب

... أخوال صدؤا كأسود الغاب ... (١)

وعارضه أيضا أخوال عبد الله فقال مغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم:

يا عجبا من فعل عبد المطلب ... وذبحه ابنا لتمثال الذهب

كلا وبيت الله مستور الحجب ... ما ذبح عبد الله فينا باللعب (٢)

فانتهى الأمر إلى أن ينطلق به إلى عرافة فإن أمرته بذبحه ذبحه، وإن أمرته بأمر له فيه فرج قبله.

فقالت العرافة: أن يقرب عبد الله ويقرب معه عشرا من الإبل ثم يضرب عليها وعليه بالقداح. فقرب عشرا من الإبل ثم عشرين ثم ثلاثين ثم أربعين ثم خمسين ثم ستين ثم سبعين ثم ثمانين حتى بلغت تسعين وكل مرة تخرج القداح على عبد الله، إلى أن وصلوا إلى مائة فخرجت القداح على الإبل فنحر مائة من الإبل إيفاء بنذره وفدية لابنه. لاشك أن التضحية بالأولاد من عادات الشعوب البدائية ولكنها كانت توجد حتى ذلك الزمن في بلاد كثيرة مثل الهند واليونان ومصر وإيران والصين وبلاد أفريقيا (٣).

---

(١) السيرة الطيبة مولوى كرامت علي الدهلوي.
(٢) نفسه.
(٣) هذه العادة لا تزال توجد حتى اليوم لدى الشعوب التي تعيش حياة البداء في نيبال وبورما وكذلك توجد في بلاد وسط أفريقيا أيضا.