ورد في إنجيل متى قول المسيح المعروف: أعطوا ما لقيصر لقيصر (١).
وهذا هو النموذج الذي علمه المسيح للحكم، ولم يجعل للشعب حقا في الحكم سوى رفع الضريبة، وفي يجرويد وسام ويد يوجه فيها الخطاب دائما إلى الملك وبيان نطاق سلطته، وما ورد فيهما يقويان الحكم الشخصي، ولا نجد في الكتابين إشارة إلى حكم الشورى أو إشراك الرعية في الحكم.
أما الإسلام فقد صرح بوضوح {وأمرهم شورى بينهم}(الشورى: ٣٨).
وعلى هذا الأساس تم انتخاب الخلفاء الراشدين. وقد ألقيت لدى انتخاب كل منهم كلمات حرة، وجرت مناقشة حول كون الخلافة في الأنصار أو في قريش. ثم الترجيح بين أفراد قريش بعضهم بعضا، وقدم كل واحد دلائله وآراءه لتأييد من يرى أحقيته بالخلافة، جرى كل ذلك بحرية تامة، وتم إحصاء الآراء وانتخب الأفضل بكثرة الآراء وألقيت إليه مقاليد الأمور السياسية.
وكان هناك مجلس مكون من الأنصار والمهاجرين لتنظيم أمور الخليفة، ومجلس آخر مكون من الذين أسلموا بعد الفتح ومن المسلمين الآخرين. ولم يكن للخليفة أن يفرض ضريبة جديدة على الرعية، وكان المجلسان يناقشان كل ضريبة مفروضة. وكان هناك استشارة عامة حول تعيين القادة العسكريين الكبار، وبداية الحرب ونهايتها وحدث هذا حين بعث أبي بكر الجيش الإسلامي لفتح العراق والشام ومصر، وقيادة خالد وأبي عبيدة، وخلافة عمرو بن العاص في عهد عثمان.
وكان سفر الخليفة بصفته خليفة إلى أي بلد مفتوح يتطلب موافقة المجلس ومثال ذلك سفر عمر إلى حرب الفرس وحرب الروم.