وكان للخليفة راتب، يقرر على أساس السبق إلى الإسلام وخدماته في سبيل الإسلام، ولم يكن هناك راتب خاص لإدارة شؤون الخلافة، وكان عمر يأخذ راتب البدريين لا أكثر.
وكان على الخليفة أن يعلن خطته المتعلقة بالحكم وأصوله، ونرى ذلك في خطب أبي بكر وعمر أمام المسلمين، كما كان الخليفة مسئولا أمام المسلمين عن أعماله وأفعاله، فكان يستجوب مرة بعد أخرى. وحدث ذلك كثيرا في عهد عمر وعلي، وإذا كان أقدم البرلمانات في أوربا هو برلمان إنجلترا فقد سبقته الخلافة الإسلامية بنحو ثمانية قرون، واتفق العالم اليوم على محاسن حكم الشورى، والناس مدينون في ذلك للإسلام، فإنه أرشدهم إلى هذا النوع من الحكم، ولم يستثن الإسلام أحدم مهما كانت مكانته، من حكم الشورى، وهكذا أمر الله تعالى رسوله. فقال:{وشاورهم في الأمر}(آل عمران: ١٥٩).
انظروا إلى النبي (ص) الذي هو متبوع الكل وسيد العالم وصاحب الكتاب والشرع والذي لا ينطق إلا با يوحى إليه، يؤمر بالمشاورة، وذلك حتى لا يظن في أحد بكماله وقدسيته أنه مستثنى من هذا الحكم، وفيما يلي بعض وقائع عصر النبوة:
١ - تم إيفاد السفير في الحديبية إلى قريش بعد التشاور والاتفاق على ذلك.
٢ - تم اختيار جبل أحد ساحة للقتال بعد المشاورة، وقد حزن رئيس المنافقين أبي من أن رأيه لم يعط له وزن بازاء رأي الأغلبية.
٣ - عرضت شروط المهاجمين في الأحزاب على رئيسي الأنصار، وهما سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وتم الأخذ برأيهما.
٤ - عرض أمر رفع حصار الطائف على قواد الجيش، ورفع الحصار بعد أن أشاروا بالموافقة.
٥ - جرى التشاور حول مصير أسرى بدر، ونفذ ما اتفقوا عليه.
٦ - وكانت هناك حرية تامة لقاضي قضاة المحكمة العليا، وكان هذا القاضي له مطلق الحرية، ولا يخاف الدولة، وكامل السلطة ولا يوجد عليه أي ضغط.
واليوم يتبع جميع رؤساء الحكومات الدستورية هذه المبادئ، وهي الطريقة المفضلة للحكم.
ومن هنا يظهر أن الإسلام هو الذي هدى أمم العالم إلى هذه المبادئ ومتعهم ببركاتها.