٦ - الثقة كنزي: والأصل في ذلك واقعة أم موسى، يقول الله تعالى:
{فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني}(القصص: ٧).
فالظاهر أن تلك المرأة المؤمنة لو لم تثق بوعد الله تعالى ثقة تامة لم تلق وليدها في النهر بيدها.
ولذا ينبغي أن نفهم أن الثقة إنسان عين التوكل، ومركز دائرة التفويض، وسويداء القلب السليم.
وتتحقق هذه الثقة وقت اليأس، فيعتمد الإنسان على ربه عند المصائب، فلا ينطق بحرف ضده ولا تخطر على باله وسوسة.
وتتحقق الثقة وقت الرجاء فتنكشف للإنسان حقيقة الربوبية السابقة لله تعالى، كما تنكشف للإنسان أيضا حقيقة عدم استحقاقه.
وليعلم أن مثل هذه الثقة تتحقق بفتح عين البصيرة على جميع نظام العالم بأكمله، حينما يشاهد الإنسان أن كل ذرة من الجماد وكل ورقة من النبات وكل جزء من الأرض والسماء متمتع في جوهر وجوده بإنعامه تعالى وغمور بإحسانه.
٧ - والحزن رفيقي: إن الخوف والخشية مرادفان للحزن في الأردية، ولكنها متباينة المعنى في العربية، فالخوف يطلق في الأغلب على الأشياء الحية، والخشية يكثر استعمالها في الأشياء غير الحسية.
والحزن هو هم القلب الذي يزخر في القلب لخير الغير وفلاحه، وإن لم ينطق به اللسان. وقد كثر استعمال الحزن في كتاب الله في شأن الأنبياء والأصفياء.
قال الله تعالى في النبي (ص): {فلا يحزك قولهم}(يس: ٧٦). وذلك أن النبي (ص) كان كثير الرأفة والعطف على الناس، فكان يحزن على العصاة إذا فكر في عواقبهم، ولذا أرشده الله تعالى إلى عدم الحزن عليهم.
وقد ورد في القرآن الكريم قول النبي (ص) لرفيقه في الغار أبي بكر {لا تحزن إن الله معنا) (التوبة: ٤٠) وذلك حينما رأى أن قلبه مهموم متقطع خوفا على النبي (ص).
والحكمة في هذا القول هي قصد تفضيل معية الله التي شملت النبي (ص)