للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وانظروا مثلا إلى زواج أم حبيبة رضي الله عنها، كان أبوها أبو سفيان من أشراف قريش يعقد لواء الحرب في بيته، وحين ينصب هذا اللواء، كان يتحتم على كل فرد من أفراد القوم أن ينضم تحت لوائه، عملا بسنة آبائه وعاداته وقيم قومه. فأبو سفيان هو الذي قاد الجيش في غزوة أحد وحمراء الأسد وبدر الأخرى والأحزاب وغيرها من الغزوات، ولكن بعد زواج أم حبيبة رضي الله عنها، لا نجده يقود حربا ضد المسلمين بل ينضم إلى لواء الإسلام بعد زمن قليل، فهل يستطيع أحد أن يقول أن هذا النكاح لم تكن له أهمية؟.

وانظروا إلى زواج أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها، كان أبوها من قطاع الطرق، يضمر للمسلمين العداوة، وكانت قبيلة بني المصطلق المشهورة القوية الكثيرة البطون رهن إشارته تعمل بما يقول وما من حرب قامت ضد المسلمين قبل هذا الزواج إلا وانضمت إليها هذه القبيلة. أما بعد الزواج المبارك، فقد تلاشت هذه النزاعات، وتخلت القبيلة عن الإغارة والغزو، ولم تشترك بعد ذلك في حرب ضد المسلمين فما كان أوجبه من نكاح!.

وانظروا إلى أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، كانت لها أخت تحت سيد نجد، مما جعل لهذا الزواج تأثيرا كبيرا على إحلال الأمن والسلام في منطقة نجد، ونشر الدين الإسلامي فيها، وكان أهل نجد قبل ذلك قد استقدموا سبعين واعظا وداعيا إلى الله، فاغتالوهم غدرا وهم الذين قاموا بإفساد الأمن وإثارة الفتن مرارا. وهكذا فإن من لا ينكر فوائد الأمن العام، وإصلاح شئون البلد، مضطر إلى مباركة هذا الزواج.

وكان زواج كل من أم المؤمنين زينب بنت جحش وعائشة وحفصة رضي الله عنهن يقوم على تحقيق الأهداف الإسلامية والمصالح الدينية، فزواج زينب بنت جحش هدم أصنام التبني وجعل شجرة التثليث هشيما تذروه الرياح. ولم يكن هذا الإصلاح العظيم الذي يشمل المشركين وأهل الكتاب ممكنا إلا بذلك.

وبعد زواج عائشة وطفية رضي الله عنهما ظهرت أعمال خارقة للعادة فيما تعلق بحفظ كتاب الله ونشر الأحاديث النبوية وتعليم النساء، ولعب زواج كل منهما دورا هاما في توطيد خلافة أبي بكر وعمر وجعلها أجدى وأنفع. وهذه كلها فوائد لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لتفوته حيلة تساعده على تحقيقها والحصول عليها.

إن ما ذكرنا من فوائد إنما هي على سبيل المثال لا الحصر، وهي توضح الأغراض

<<  <   >  >>