للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأموالهم وإبلهم معهم بناء على مشورة رئيسهم مالك بن عوف وذلك حتى لا يفر أحد منهم عن ميدان المعركة.

ولما سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخبر تقدم خارج مكة فقد رأى أنه ليس من المناسب القتال في الحرم بجوار مكة، وكان معه ألفان من أهل مكة من مسلمين ومعاهدين من غير المسلمين وعشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه ففتح الله بهم مكة وقد أعجبتهم كثرتهم، فابتعدوا عن الحذر والحيطة والحزم.

وكمن الأعداء للمسلمين في واد ضيق صعب ونصبوا عليه رماة سهامهم، وحين صار الجزء الأول من جيش المسلمين (وكان في معظمه من الطلقاء والشباب الذي لا يبالي فليس مع أحدهم عدة ولا عتاد كما أنهم ليسوا على قدر من التدريب الحربي) في مرمى الأعداء دون أن يدري، قام الأعداء فأمطروا مقدمة الجيش بوابل من السهام، فبدأ الجميع يولون أدبارهم هاربين، وصمد في ميدان المعركة ما يقرب من مائة صحابي، وحين رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - المهاجمين يتقدمودن من الجهات الأربع وجيشه يتقهقر، ضرب للجيش مثلا في الشجاعة لا نظير له، فنزل - صلى الله عليه وسلم - من فوق بغلته وجعل يرتجز:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب (١)

وكان هذا يعني أن معيار صدقي ليس بانهزام جيش أو انتصار جيش ولكن معيار صدقي نابع من ذاتي (أي من كونه - صلى الله عليه وسلم - نبي الله ورسوله).

وبدأ العباس (عم النبي - صلى الله عليه وسلم -) ينادي المهاجرين والأنصار وكان كل منهم يستمعون إلى ندائه فيتجمعون كما يتجمع الحمام إلى برجه (٢) وأعيد ترتيب الجيش من جديد. وبينما الأنصار والمهاجرون يتقدمون بدأ الأعداء يهربون وانقسموا إلى قسمين:

١ - قسم بقيادة مالك بن عوف، أخذ جماعته وتحصن في قلعة الطائف.

٢ - والقسم الثاني وكان فيه أهله وعياله وماله ومتاعه هرب واختبأ في أوطاس.

ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمحاصرة قلعة الطائف وأمر أبا عامر الأشعري بالتوجه إلى أوطاس. فوصل أبو عامر هناك وتمكن من أهل وعيال ومال ومتاع الأعداء كله، وحين علم النبي


(١) البخاري ومسلم عن البراء بن عازب باب غزوة حنين.
(٢) صحيح البخاري عن ابن عباس.

<<  <   >  >>