للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - كما امتنعت قبائل أخرى عن الإسلام لأنها أضعف من أن تواجه قريشا، كما كانت لها صلة أو قرابة بقريش وقبولها الإسلام يعني قطع هذه الصلة والقرابة والتعرض لسخط قريش وغضبها.

٣ - كانت قبائل كثيرة ترى أن السيطرة على مكة هي إمارة الصدق ورضا الله، ذلك لأنهم اعتقدوا منذ مئات السنين أن مكة تمضي تحت سيطرتهم وأن مكة لا يمكن أن تخضع لسيطرة من لا ينال تأييد رب العالمين ونصره - فيقولون: "أتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق" (البخاري كتاب المغازي ٥/ ٩٥ عن عمرو بن سلمة).

٤ - حتى ذلك الوقت كانت مختلف القبائل تضم عشرات الشيوخ ممن شاهدوا جيش أبرهة الجرار الذي ضم أربعين ألفا (١) وهو يهجم على مكة وكانت فيه فيلة، وكان فيل أبرهة الخاص من نسل "محمود" (٢).

وقد رأى هؤلاء الشيوخ بعيونهم قبل ستين (٣) عاما الأحباش وهم يهاجمون مكة، وشاهدوا أهل مكة يتركون بيوتهم خوفا ويصعدون إلى قمم الجبال، حتى إنه لم يبق أحد في مكة يقاوم المهاجمين، ومع هذا فقد رأوا جيش الأحباش يصاب بالهلاك والدمار، وقائدة يهرب ويفر بعد أن شاهد أحوال جيشه، فلم يبق جند ولا فيلة بل أشلاء مبعثرة


(١) ذكر الأستاذ الفرنسي سيديو في كتابه "خلاصة تاريخ العرب" عدد جيش أبرهة بأربعين ألفا وقال إن القائد أبرهة الأشرم (وكان نائب النجاشي في اليمن) أسس في صنعاء كنيسة عجيبة البناء وكان يريد أن تتوجه إليها العرب كلها للحج كل سنة مثلما هو الحال بالنسبة للكعبة، ولما فشل في مساعيه هذه قدم لهدم الكعبة.
يقول الشاعر عبد الله الزبعري في قصيدته عن هذه الواقعة:
واسئل أمير الجيش عنا ما أرى ... ولسوف ينبى الجاهلين عليها
ستون ألفا لم يؤبوا دارهم ... بل لم يعش بعد الإياب سقيمها
ولا كان الأستاذ سيديو ذكر أن القائد أرياط ARYAT جاء بسبعين ألفا من العسكر عام ٥٢٥ ق. م. فليس من المستبعد أن يكون قول الشاعر العربي صحيحا فيما يتعلق بعدد الجيش وأن يكون الأشرم - هو نائب أرياط وقاتله - ترك في اليمن عشرة آلاف وجاء بستين ألفا إلى مكة.
(٢) نوع من الأفيال عظيم الجثة ولا وجود له اليوم، ويطلق عليه في الانجليزية Mamat ، وقد عربه العرب فسموه "محمود" (نقلا عن تاريخ العرب).
(٣) في زماننا (أي سنة ١٩١٢ م) لا يزال يوجد بعض الجنود الذين شهدوا فتح مدينة دهلي وحصار مدينة لكهنو وحتى من شهد حرب كريميا.

<<  <   >  >>