للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجنوب الهند، فعرفوا البلاد بالحقائق والمعارف، فأدرك أهل البصيرة وضعهم السيء، فدخل أغلبهم في الإسلام، وبقى من بقى على الهندوكية.

والحاصل أن هذه هي الإصر والأغلال التي أزالها خدام الإسلام وتعاليم الشريعة الحقة.

٥ - المجوس: كانت دولتهم قائمة في إيران منذ عصر قديم، وقد حكموا نحو ثلث الكرة الأرضية العامرة بالسكان آنذاك، واستتب لهم الأمن بالحكم، وبالأمن مالوا إلى حياة الرغد والدعة، وقد أضعف الترف قلوبهم وأفكارهم وتزلزل أساس دولتهم.

وقد قضت عقيدة ماني على الدستور القديم، وأورثت في طبائع الناس القلق والفوضى، بينما أعلن مزدك مبدأ شيوع المرأة والذهب والأرض، فكثر الظلم والفواحش والعصيان والتمرد، حتى أن الأبناء عشقوا أمهاتهم وسقطت الأميرات صاحبات العرش والسلطة ضحايا العواطف الجنسية البهيمية لضباط الجيش، وأعجب الناس بأدلة تزويج المحرمات الأبدية مكان المحصنات، واعتبر التعفف والطهر شيئا قذرا للجنسين، وخادم كفور مثل فرهاد صار منافسا لمليكه، وابن غاو مثل شيرويه عقر بطن أبيه ببالغ البهيمية ثم تملك شيرين، وجندى فاسد مثل بهرام جوبين اصطلى بنار غرام الملكة بوران دخت (١).

والعداء القديم المستمر بين حكومتي روما وإيران، وغزو بعضها لبعض أظلم البلاد وأوحشها.

فلم يبق أي كيان حقيقي للدين، وانعدمت الكتب المقدسة بهجوم الإسكندر، وفي مثل هذه الظروف أولى الإسلام هذه البلاد عنايته، وحرر تعليم النبي (ص) الطاهر سكان هذه البلاد الواسعة من يد الجور والأنانية والفحش والظلم (٢).

وليدرس القراء ما أوجزنا من أحوال العرب واليهود والنصارى والهنادك والمجوس مرة أخرى حتى يعرفوا ويقدروا كيف أن هذه الأمم القوية انقرضت وبادت بتطاول الدهر وتغيره، وكيف أنها منيت بالعجز والبؤس، وقد أنقذ النبي (ص) هذه الأمم الضائعة من


(١) الطبري (٢/ ١٣٦).
(٢) الطبري (٢/ ٥٦) وبعدها.

<<  <   >  >>