ما النتيجة. يقول أبو سفيان: لقد تمكنت فقط من إضافة هذه الفقرة، إلا أن قيصر لم يلتفت إليها وقال، بلا شك أنه لا يحنث بوعد ولا ينقض عهدا، فطالب الدنيا طالما ينقض العهد، أما النبي فلا حاجة له بالدنيا. قيصر: هل قاتلتموه أو قاتلكم؟ أبو سفيان: نعم، قيصر: فكيف كانت النتيجة؟ أبو سفيان: يدال علينا المرة وندال عليه الأخرى. فقال هرقل، هذا هو حال الأنبياء تبتلى وتكون لها العاقبة فتنال النصر من الله. قيصر: فماذا يأمركم به؟
أبو سفيان: يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والزكاة والعفاف والصدق وصلة الرحم.
فقال هرقل: هذه هي علامات النبي المولود قد كنت أعلم أنه ظاهر. ولكن لم أعلم أنه من العرب وأن يك ما قلت حقا فإنه يوشك أن يمتلك موضع قدمي هاتين، ليتني أستطيع أن أصل إليه لكنت، أغسل قدميه.
ثم قرئ خطاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يعجب أعضاء البلاط فعلت أصواتهم وكثر لغطهم وصياحهم، ثم أخرج الجميع من البلاط، ويقول أبو سفيان ومنذ ذلك اليوم وأنا أرى نفسي ذليلا وقد تأكدت من عظمة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
٨ - خسرو برويز، كسرى إيران كان إمبراطور نصف العالم الشرقي، ويدين بالزردشتية، أرسل إليه عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأدعوك بدعاية الله، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا، ويحق القول على الكافرين، فأسلم تسلم، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك" (١).
فلما رأى كسرى رسالة النبي غضب ومزقها قائلا: يكتب لي هذا وهو من رعاياي
(١) على القارئ أن يتأمل العبارة التي وردت في رسالة النبي - صلى الله عليه وسلم - "أسلم تسلم" ولم يكن هذا تهديدا بل إخبار عن الغيب.